بقلم : القس سامر عازر
ليس أغلى على الإنسان من حياته التي وهبها له الله تعالى، فهي نعمة سماوية وبركة إلهية تدعونا لأن نكون شاكرين عليها على الدوام. وحياتنا التي لا تخلو من الصعاب والتحديات يجب أن لا تتوقف للحظة واحدة من أن تنبض حباً ورجاء وإخلاصاً ووفاء وتضحية، فهذه هي قيم الحياة البشرية التي وَضَعها الله فينا، وبغير ذلك فلا معنى ولا قيمة لوجودنا. وهناك أمثلة كثيرة عن أشخاص كثيرون يرزحونَ تحت أعباء الحياة الثقيلة، لكنهم لا يفقدون أبداً الرجاء ولا الأمل ولا تغادر الإبتسامة وجوههم، ودائماً ينظرون من النافذة المشرقة التي تبعث في حياتهم ألوان السعادة والسرور.
وما زَرَعَهُ الله فينا هو الجرأةُ والشجاعة، وهي جرأة تستعد حتى للتضحية بالذات في سبيل الحق وإعلاء شأنه، ..هي جرأة لا تخافُ الموت الجسدي في سبيل الوقوف في وجه الشّر وإجتثاثه وتحقيق العدالة. فما قيمة الحياة بدون كرامة وبدون عدالة وبدون حرية وبدون مساواة؟ هذا ما يفسّر التضحية بالذات التي يقدمها كثيرون من أجل أن يحيا وينعم غيرهم بالأمن والحرية والسلام.
ويدعونا إيماننا القويم إلى عقيدة الإستعداد بالتضحة بالذات إن تطلّب الأمر في سبيل تحقيق القيم والمُثل السامية النابعة من عُمقِ الذات الإلهية. فمسؤليتنا تتطلب منَّا أن نكونَ مستعدين لبذل الغالي والنفيس في سبيل عالمٍ أكثرَ عدالة وأكثرَ أمناً وأكثر سلاما. فمخافة الله يجب أن تفوقَ الخوف من البشر، فللبشر مهما تجبروا ومهما ارتفعوا سلطةٌ على تتجاوز حدود الجسد والنيل منه، ولكن لله سلطة على الجسد والنفس معاً، فهو من سيحاسبنا عن الوفاء بمسؤولياتنا وواجباتنا، وتبقى وأعلى درجات بذل الذات عندما يضحي الإنسان بنفسه من أجل غيره.
ربما هذه العقيدة التي تحتاجها مجتمعاتنا اليوم في ظل العالم الذي يمجِّدُ المادةَ ومغرياتِها وفي ظل الأفكار المنحرفة التي تجتاح عالمنا وفي ظل قوى الهيمنة والإستغلال والتجبّر التي لا تراعي سوى مصالحها ومراكزها على حساب حياة الناس وحقوقهم وكرامتهم.
ويبقى الشيء الوحيد القادر أن يُبدِّلَ الأحوال ويغيِّرَها هو التسلحُ بالجرأة والشجاعة التي لا تخشى الموت في سبيل مواقفها وفي تصرفاتها.