د. عادل يعقوب الشمايله
هذا أحد الاسئلة التي طرحها عمرو اديب في الفيديو الذي تضمَّنَ تقييماً رشيداً وجريئا جداً لتطور حالة التعليم العام في مصر. وضعهِ الحالي ومآلاتهِ وتأثيرهِ المتحقق والمتوقعِ على الأُسَرِ المصرية وعلى الدولة المصريةِ عموماً.
عمرو اديب لم يتردد في انتقاد قرار وزير التربية المصري القاضي بالاعتراف الرسمي وتقبل الحكومة للجوء الطلبة للمدرسين الخصوصيين ومراكز التدريس الخصوصية للحصول على التعليم للتعويض عن الضعف المُتَفاقم في المدارس الحكومية. القرار تضمن ايضا تقنين المراكز أي ترخيصها من اجل ملاحقتها ضريبياً.
أنتقاد عمرو اديب لقرار الوزير كان انتقادا مريرا، بل ووصل به الامر للتهكم على القرار وعلى وزارة التربية والتعليم واقترح تحويل المدارس الى محلات لبيع قطع غيار وللحفلات الليلية ومحلات بناشر او بيع ساندويتشات وأن تتحول وزارة التربية الى وزارة سناتر (مراكز تدريس خصوصي) بعد أن فقدت المدارس الحكومية دورها واصبح ارسال الطلبة اليها مضيعةً للوقت والجهد.
بموجب القرار ستصبح الحكومةُ شريكةً في التربح من حالة استغلال المعلمين الخصوصيين ومراكز التدريس لواقع هبوط وعبثية التعليم الحكومي.
مصر للاسف ستخرج من التاريخ بسبب انحطاط التعليم فيها والذي من دلالاته هبوطُ الفنِ والفنون وهبوط الادب والفكر. ستتحول مصر المنارة الى مصر المغاره.
اهمالُ التعليم الحكومي سيؤدي حسب عمرو اديب الى برجوازية التعليم بعد ان كان لعامة الشعب وخاصته دون تمييز. وحيث أن نسبة الطبقة البرجوازية وطبقة المتنفذين عموما في مصر كما في بقية البلدان هي اقل من ١٠٪ من السكان، ونظراً لعدم ثبوت وجود “علاقة ارتباط موجبة” بين عاملي الغنى والنفوذ من ناحيةٍ، والابداع والعبقرية من ناحيةٍ أُخرى، فإن النتيجة الحتمية هي حرمانُ الدولة من إمكانية ان يخرج من بين مواطنيها مبدعين وعباقرة ومبتكرين.
بتهميش ٩٠٪ من الطلبة غير الاغنياء ستندرُ فرصُ خروج مبدعين من بين ابناء الفقراء والمهمشين. وحيث أن ابناء الاغنياء والمتنفذين غير معنيين في الغالب بأن يكونوا من المبدعين في الدراسة والمبدعين بالابتكار فإن شمس المعرفة والتقدم ستغيب.
تقييم عمرو اديب يُمكنُ تعميمهُ على مُعظمِ الدول العربية التي ترضخُ لتعليمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي القاضية بتبني وتطبيق بردايم الادارة العامة الحديثة الذي يُعفي الحكومات من كافة مسؤوليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما فيها التعليم والصحةِ، وتُحولَ الدول العربية الى دول بوليسية. أي تركيز الانفاق الحكومي المتزايد سنوياً على بندي الامن وسداد الديون. يُصَاحِبُ ذلك الاستمرار في الضخ الجائر من جيوب المواطنين دون مقابل عادل.