زهدي جانبيك
بعنوان عجيب، نشرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) خبر إعلان الحكومة الأردنية يوما مخصصا للقراءة ، قالت الوكالة:
“اليوم الوطني للقراءة يطلق مارد العقل لإحداث التنمية المعرفية” .
وكأن العقل الاردني ماردا كان محبوسا في مصباح الحكومة الاردني، وقررت الحكومة ان تفرك المصباح وتطلق هذا المارد اليوم 29 أيلول فانطلق هذا المارد صارخا: “شبيك لبيك ايها الشعب الأردني… هديتي إليك اليوم هي :- التنمية المعرفية”.
هذا المارد الحكومي “حربوك”، فقد علم اننا شبعنا تنمية اقتصادية،… وشبعنا تنمية سياسية،… وشبعنا تنمية إدارية… ولم يعد ينقصنا سوى التنمية المعرفية،… وحيث ان الحكومة لا تستطيع تشكيل لجنة جديدة لإحداث هذه التنمية المعرفية فقد قررت الاستعانة (بمارد العقل) الذي كان مختبئا في مصباح الحكومة السحري…
مبروك للشعب الاردني وصول مارد العقل اخيرا… وبعد طول انتظار.
ارجوكم:- قبل ان تلوموني على هذه السخرية… هل يستطيع احد ان يخبرني لماذا 29 أيلول؟؟؟ ما هي مناسبة هذا اليوم ليتم تخليده كيوم وطني للقراءة ؟؟؟
معقول ان الحكومة اختارته كيوم وطني للقراءة لانه يصادف (29 أيلول 1923) – بداية الانتداب البريطاني على فلسطين؟؟؟
ام ان الحكومة قررت التضامن مع اليمين الإيطالي بمناسبة فوزه بالانتخابات فاختارت هذا التاريخ لانه يصادف 29 أيلول 1911 – يوم قررت إيطاليا ان تعلن الحرب على الدولة العثمانية؟؟؟
ام انها تتعاطف مع ضحايا الحرب الروسية الاوكرانية فاختارت هذا التاريخ لانه يصادف 29 أيلول 1940 – ذكرى وقوع مجزرة «بابي يار» بأوكرانيا والتي استمرت ليومين؟؟؟ معقول؟؟
ام انها اختارته بسبب الاحداث الجارية في إيران لان هذا التاريخ يصادف تاريخ ميلاد علي بن محمد الهادي الإمام العاشر عند الشيعة الإمامية الإثنا عشريةتلواقع في 29 أيلول عام 828؟؟؟
معقول انها اختارته لانه يصادف ذكرى تاريخ
29 أيلول 2021 عندما أصدر القضاء الأردني حكمه بقضية “مصنع السجائر” الشهيرة؟؟؟
ما هو السر وراء اختيار هذا التاريخ ليكون يوما وطنيا للقراءة؟؟؟
استطيع ان استوعب قيام الأمم المتحدة باختيار اليوم العالمي للكتَّاب وحقوق المؤلف في 23 أبريل/نيسان… فهو بالتحديد يوم ميلاد شكسبير،… اختيار مبرر ومعقول، فهو عميد الأدب المعروف فخلدوا ذكراه…
وأتفهم اختيار الثامن من شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام بأنه التاريخ الذي اعتمده العالَم كيوم عالمي للقراءة والكتابة “محو الأمية” لان تحديده جاء نتاج فعاليات المؤتمر العالمي لوزراء التربية الذي عقد بشأن محو الأمية في العاصمة الإيرانية طهران في أيلول/سبتمبر 1965.
وأتفهم اختيار اليوم العالمي ل “كِتاب الطفل” في الثاني من شهر أبريل،… اختيار مبرر ومعقول، فهو يوم ميلاد كاتب عالمي آخر وهو هانز كريستيان أندرسن الذي تخصص بأدب الأطفال. فخلدوا ذكراه…
ولكنني لا اكشف لكم سرا ان قلت أنني امضيت الاسبوع الماضي كله وانا ابحث عن أي مبرر لاختيار هذا التاريخ في الأردن لتخصيصه كيوم وطني للقراءة ، فلم أجد، وعجزت عن ادراك وفهم ما اراده مارد العقل من اعتماد هذا التاريخ كيوم وطني …
هل عجز مارد العقل الحكومي الذي اطلقوه من المصباح السحري خاصتهم، عن اختيار تاريخ ميلاد احد ادبائنا الأردنيين ليكون يوما للقراءة…
هل نسي مارد العقل هذا الذي انطلق:- عيسى الناعوري و مصطفى وهبي التل ( “عرار”) و محمد صبحي أبو غنيمة و سليمان الموسى و عبد الله محمد موسى رضوان و جُمعة حمّاد ومفيد نحلة و خليل زقطان وفدوى طوقان وحكمت النواسية، وحبيب الزيودي، وعلي شنينات، ومحمد القيسي وإبراهيم نصر الله جمال ناجي ومؤنس الرزاز وسالم النحاس، وجلال برجس، وهزاع البراري، ومفلح العدوان، وسميحة خريس، وهاشم غرايبة، وعدي مدانات، ومخلد بركات و إبراهيم العجلوني وطارق مصاروة وخالد محادين وخالد الساكت وعبد المهدي القطامي وروكس العزيزي ويعقوب العودات (البدوي الملثم)، وعبد الحليم عباس و فخري قعوار ومحمود الريحاوي وبدر عبد الحق…. وغيرهم الكثير الكثير…
ألم يستطع مارد العقل الحكومي هذا ان يختار تاريخ ميلاد اي أديب أو شاعر من هؤلاء… ليكون يوما وطنيا للقراءة؟؟؟؟
سامحكم الله… ليتكم ابقيتم مارد العقل هذا مرتاح في مصباحه السحري… فقد تحتاجونه في الأيام القليلة القادمة…