في أدب الأوائل والأواخر!!

1 سبتمبر 2022
في أدب الأوائل والأواخر!!

بقلم: د. ذوقان عبيدات

    يقال: إن الفروق بين المتضادَّيْن هي فروق في الدرجة لا في النوع! فالطول لا يختلف عن القِصر إلّا بالدرجة، والبرد ليس بردًا بل درجة حرارة منخفضة، والحر ليس حَرّا بل ارتفاع في الدرجة، وكذلك الخير والشر، والقرب والبُعد، وسائر الأشياء! ومن هنا نلاحظ إمكان تعديل البرد والبعد والطول وغيرها. ويقول الشعراء: بأضدادها تُعرف الأشياء، أو: 

    فالوَجهُ مثلُ الصُّبح مُبْيَضُّ     والشَّعر مثلُ اللّيل مُسْوَدُّ

     ضِدّان لمّا استجمعا حَسُنا     والضدُّ يُظهر حُسْنَه الضّدُّ

فلولا سوادُ الشعر لقلّت قيمة بياض الوجه، وهكذا!!

وفي التوجيهي: لولا العشرة الأواخر لما كان لدينا عشرة أوائل، فلِمَن يعود الفضل إذن؟ وفي أدب الأواخر نجد: الدعاء أكثر شيوعًا في الثلث “الأخير “من الليل.

والعشر “الأواخر” من رمضان لها مكانة أكثر  قدسية وجلالًا، ومتى ليلة القدر؟؟؟

وأيضًا نجد أنّ أبا بكر الصديق “خليفة” رسول الله! وهكذا..

وفي البروتوكول يجلس الوزير”خلف” السائق.

وفي السياسة: أول المطبِّعين متَّهمون، بينما” الأواخر” أحرار!

وفي الذكاء والاستنتاج نقول: وراء”خلف” الأكمة ما وراءها!

وفي كشف المغالَطات والإشاعات نبحث عمّن أو عمّا “خلفها”!

ولعقد تسوية بين الأوائل والأواخر أقول: في الطابور العسكري إلى الخلف دُرْ يصبح الأوائل أواخرَ والأواخر أوائل! أترون نسبية  الأمور؟

في الأزمات كالحرائق مثلًا، يصبح العامل والحارس أوائل، والوزراء أواخر!

لا أطلب شيئًا مما سبق غير احترام الأواخر، وعدم تدليع الأوائل، فلربّما كانوا أكثر إسهامًا في بناء الوطن!

تحية للأواخر في كل مكان!!! ​ولعلّ حيدر محمود كان مُحِقًّا حين قال:هذا زمنٌ قاعُ الأشياء المقلوبة فيه أصبح قِمَّة!