يقلم: الدكتور قاسم جميل العمرو
جريمة مرج الحمام ذهب ضحيتها فتى بعمر الورود على يد بلطجية قاموا بتشويه وجهه انتقاما من والده الذي تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي قصة خلافات بينهم وبينه وللاسف كان الضحية أبنه، كما حصل مع صالح في مدينة الزرقاء وهذا الفتى الضحية لن يكون الاول ولا الاخير، لان هؤلاء البلطجية يروعون الصغار للانتقام من ذويهم.
الامن العام بث خبر مقتضب وقصير وعاجل مفاده القبض على المجرم الذي اقدم على تشويه الفتى، وبطبيعة الحال سُينقل المجرم الى السجن معززا مكرم، ليلتحق بمجموع البلطجية والزعران الذين عادة ما يشكلون عصابات داخل السجون حسب روايات بعض من عايشهم ، ثم يخرجون بعد انقضاء احكامهم، اشد فتكا وعدوانية لانهم.
أولا: لا يأخذون عقابا رادعا.
ثانيا: السجون الاردنية مكتظة فيتعرف المجرمون على بعضهم ويُكونون خبرات قانونية للتعامل الحذر بالمستقبل مع ضحاياهم حتى لا تطالهم عقوبات شديدة، وقد شاهدنا كيف كانت ردود فعل المتهمين بقضية الفتى صالح في جلسة محكمة امن الدولة.
ثالثاً: وجود خبرات قانونية ودعم مجتمعي يقوده متنفذين ظهرت صور المجرمين والفتوات بجانبهم، وفي مناسبات عديدة.
المتابع لقضية الزنخ ومجموعته ومحاكمتهم امام محكمة امن الدولة يدرك ان هناك من يدافع وبشراسة عن هؤلاء ويحاولن الطعن باختصاص محكمة امن الدولة بمحاسبة هؤلاء، وقد ينجح فريق الدفاع في مرحلة ما على ضوء تطورات القضية واستغلال الثغرات القانونية باخراج على الاقل قسم من هؤلاء من قبضة العدالة، صحيح لا يمكن التنبؤ بمجريات القضية ومآلاتها لكن قد لا يعجب الرأي العام ما ستؤول اليه الامور فيما بعد.
السؤال هل سنكون في كل مرة امام غضبة ملكية حتى يتولد لدينا شعور بالامن من مثل هؤلاء وكلنا معرض دون ان يعلم لهؤلاء الاشرارفي الشارع او المول وقد ينالك ما ينال الضحايا لغياب الردع العادل.
هناك لغز محير وغير مفهوم لتنامي هذه الظاهرة خصوصا ونحن نرى صورا جمعت مثل هؤلاء البلطجية بشخصيات عامة ونافذة وكأننا نفهم ان لهؤلاء وظائف وادوار يؤدونها خارج منظومة القانون، وعادة وما يفلتون من العقاب، وهنا نستذكر المجرم الخطير”الزنخ” الذي ظل يسرح ويمرح رغم وجود أكثر من 200 قيد عليه ولولا الجريمة البشعة التي ارتكبها ضد فتى الزرقاء وتدخل الملك شخصيا، ربما لارتكب عشرات الجرائم الاخرى بواسطة عصابته دون ان يحدث له شيء.
الحكومة من خلال اذرعها الامنية يقع عليها مسؤولية حفظ سيادة الوطن والسيادة نعني بها الشمول وعدم الانتقاص منها وعدم الاخلال بها بارتكاب جرائم من قبل عصابات اجرامية تهدد امن المجتمع وسيادة الدولة.
ما حدث لفتى مرج الحمام هو صورة اخرى لما حصل لفتى الهاشمية ولكن بصورة اقل تشويها فهل علينا كمجتمع ان ننتظر حتى نسمع كل يوم بجريمة تقشعر لها الابدان يتفاخر بها منفذوها وهم غير عابهين بعقوبة السجن.
لا يوجد عاقل يستطيع القول ان البلطجة ستنتهي، ولا يوجد عاقل ايضا لا يؤيد فكرة عمل دراسة اجتماعية شاملة على مرتكبي جرائم البلطجة في سجونهم ومعرفة الدوافع التي تقف وراء ارتكابهم هذه الاعمال الشنيعة وفكفة كل الخيوط التي توصل الى فهم هذه الظاهرة ووضع توصيات شاملة تجعل صانع القرار قادر على سن التشريعات المناسبة لردع هؤلاء المجرمين، لان من الثابت ان القوانين والاجراءات الحالية ووجود ناس يقبلون الدفاع عن مثل هؤلاء ، يؤكد بان معظمهم سَيفلت من العقاب.
استاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري