القاهرة جاهزة لنقل الرسائل …. اسرائيل تستجدي لوقف المعركة.. الامارات تتحرك بعد الاستجداء الإسرائيلي …. الحل في طهران عير عمّان

7 أغسطس 2022
القاهرة جاهزة لنقل الرسائل …. اسرائيل تستجدي لوقف المعركة.. الامارات تتحرك بعد الاستجداء الإسرائيلي …. الحل في طهران عير عمّان

د. مصطفى التل.

لا أحد يعلم للآن كيف ستتعامل عمّان مع التطورات الأخيرة في غزة , حيث أن الحكومة الأردنية تُقر أن الاحداث الأخيرة معقدة ومتداخلة , ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بتطوراتها على الأرض .

بينما عمّان تدرك تماماً أن الجبهات الإقليمية والسياسية مختلطة تماما اليوم , وان التطورات العسكرية الحالية في غزة وعلى جبهتها قد لا تكون متشابهة مع التطورات السابقة في ظل انشغال العالم اليوم بالنزاع الاوكراني الروسي , والصيني الأمريكي , إضافة الى اشتعال ساحات كبيرة من العالم الإسلامي برمته بمختلف مراميه وأطرافه , بما فيه العالم العربي , بنزاعات دولية كبرى , قد تصل الى ما يشبه الحرب العالمية الثالثة .

حركة المقاومة الإسلامية “حماس” , تراقب الوضع عن كثب , وظاهريا لم تنجر الى الانخراط بهذه المعركة على أقل تقدير انطلاقاً من غزة , وهذا يسبب ضغط كبير على حماس في قطاع غزة واحراجاً لها في غرف عملياتها على الأرض ولا أحد يعلم الى متى ستتحمل حماس هذا الاحراج والضغط في آن واحد .

ولكنها قطعا تشارك بالمعركة من خلف الستار, بتوفير معلومات ودعم لوجيستي وتغطية عسكرية في قطاع غزة , إضافة الى مشاركتها من خلال الضفة الغربية وليس حصرا من مخيم جنين , ومن قواطع القول أنها لن تسمح بإضعاف أو زعزعة “سرايا القدس” .

والعامل الإيراني ووكلائه في العالم العربي ولبنان تحديداً، لا يمكن اسقاطه من المعادلة الحاصلة الآن في فلسطين، مما سيضيف تعقيدات إضافية الى الساحة الإقليمية، واشتعال الصراع على الأرض في فلسطين من بوابة غزة، بمبادرة اشعال النيران بيد إسرائيلية .

إسرائيل تداعت الى إعلانها انها تريد وقف المعركة , بحجة انها حققت أهدافها الاستراتيجية , واهم هذه الأهداف إيجاد شرخ بين ” سرايا القدس ” و”حماس ” في غزة , وهذا الهدف الاستراتيجي كافٍ لتحمل تبعات الخسائر الإسرائيلية في هذه المعركة حسب مزاعم الصهيونية في فلسطين.

الرد جاء اردنيا في تقويض ادعاء هذا الإنجاز , حيث أن الاخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي في الأردن , استنفرت كوادرها , وتحركت باعتصامات حول السفارة الصهيونية في عمّان , وسط سماح أمني لها بهذا التحرك , وعدم المنع , مع اجراء تسهيلات كما يبدو لهذا التحرك بطرق غير مباشرة , ضمن برنامج تصعيد على الأرض الأردنية يشمل مساجد المملكة والساحات المختلفة من مناطق جغرافية أردنية متعددة .

مناصرة “حركة الجهاد الإسلامي ” بالاسم ,على الساحة الأردنية , وضمن شعا رات الاعتصامات والتحركات الشعبية وعلى رأسها ” جبهة العمل الإسلامي ” و “الاخوان المسلمين ” , صرّحت بما لم تُصرّح به الساحة في غزة وعموم فلسطين , بأن الالتئام مع الحركة هو عنوان المرحلة الراهنة , من الحاضنة الرئيسية لحركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” التي ترتبط بالإخوان المسلمين كامتداد طبيعي للحركة بمختلف أذرعها السياسية والعسكرية , داخل فلسطين و خارج فلسطين .

إسرائيل تقوم بتضخيم ما تسميه إنجازات على الأرض على حساب الوعي الإعلامي العربي والإسلامي بشكل خاص , حيث أن استشهاد القادة الميدانيين للحركة أو القادة من المستوى المتوسط القيادي , لا يعني ان هذا انجاز عسكري لجسم ضخم بحجم ” الشاباك ” او ” الموساد ” الصهيوني , ولا على مستوى المنظومة العسكرية والأمنية الصهيونية وسمعتها التي تطوف آفاق الشرق والغرب .

على كل حال , مصر تقوم بدورها المعهود , وهو اللهاث بين الجانب الإسرائيلي وقطاع غزة , في محاولة لفرض هدنة مؤقتة , في دور لجهاز المخابرات المصري , تم توكيله دوليا به , وحصر دوره الأمني في هذه الجزئية , وهو دور أصغر بكثير من حجم جهاز المخابرات المصري , وحجم مسؤولياته الأمنية , والبعض يرى أن هذا الدور هو إهانة لجهاز المخابرات المصري , وتصغير حجم تأثيره على الأرض , وحصره بدور ساعي البريد لنقل الرسائل بين الطرفين , ومحاولة تقزيم دور هذا الجهاز من حيث القيام بمهامه الأمنية على المستوى الوطني المصري , الى حصر دوره في نقل رسائل يقوم أصغر موظف اممي بهذا الدور بين الطرفين .

الامارات العربية استغلت موقعها كعضو غير دائم في مجلس الامن الدولي , وطالبت باجتماع عاجل لمجلس الامن الدولي , بموازاة دور مصر في التهدئة بين الطرفين , ومع دعوة إسرائيل الى انهاء المعركة , خوفا من تشظيها , ودخولها بمرحلة معارك كبرى , إسرائيل لا تتحمل المواجهة فيها , ولا تتحمل الخسائر الكبرى التي قد تحدث سواء خسائر اقتصادية او بشرية , وقد تصل الى خسائر سياسية استحوذت عليها على الساحة العربية والإسلامية , من باب ضغط الرأي العام الشعبي على المنظومات الرسمية في تلك الدول , مما سيدخلها في طور تقديم تنازلات هي بغنى عنها .

تهدئة مؤقتة تم فرضها على الساحة سميّت باسم تهدئة إنسانية , وهي الوصفة المصرية المتبعة في أي تصعيد في قطاع غزة تحديدا , في محاولة لتفكيك الموقف العام , والضغط على مختلف الفصائل الفلسطينية لوقف المواجهة مع العدو الصهيوني , والعمل الحثيث على تمديد هذه الهدنة , حتى نصل في نهاية المطاف الى فك الاشتباكات , وانهاء الجولة القتالية كما سبق وحدث مع أي تدخل مصري بهذا الملف .

بالمقابل , على الساحة الإيرانية والجهاد الإسلامية , تم الاجتماع الطاريء مع مندوب ( الجهاد الإسلامي ) في ايران , وتم التأكيد من طرف ايران أن الأخيرة لن تقف مكتوفي الأيدي في هذه المواجهة . وانها تقدم كل دعم ممكن للجهاد الإسلامي في سبيل المواجهة .

بالتزامن مع دفع قطعان مستوطنين الى احد أبواب القدس للاقتحام , في رد فعل غير مباشر تجاه الأردن من طرف الصهاينة , بأن على الأردن التدخل الفوري عن طريق العلاقات الخلفية مع حماس للضغط عليها لإنهاء العملية , والا كانت القدس مكان لتبادل الضغوط المختلفة على الأردن , حيث أن الأردن باتت تمسك ملف القطاع السياسي إضافة الى الملف الأمني فيه بطرق غير معلنة , منذ ان حاولت إدارة ترامب تهميش دور الأردن في القضية الفلسطينية , مع ضعف وشيخوخة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية , مما ضاعف الضغوط على الأردن للتوسع في علاقاتها داخل فلسطين , لاستخدام الأوراق الضاغطة في الوقت المناسب , قابله كذلك تجاوب كبير من طرف حماس في محاولة لرأب الصدع مع الأردن , ومحاولة العودة للساحة الأردنية , حيث أن الاخوان المسلمين يتمتعون بشرعية سياسية داخل الأردن , ويمكنهم توفير الغطاء السياسي للحركة ان حدث انفراج داخل الأردن بخصوص الحركة .

والصهيونية في فلسطين , تدرك أن الحل يكمن في ايران وخاصة مع ” الجهاد الإسلامي ” , ولكن لا يمكن لهذا الحل أن يكون واقعاً في غزة , إلا إذا وافقت حماس وضغطت باتجاهه , وحماس تتقارب مع الأردن بخطوات حثيثة وان كانت مستترة , ولا يمكن تمرير الحل من طهران إلا من خلال عمّان , وهذا يجعل عمّان بموقف صعب جدا وسط تنافر إقليمي وصراع إقليمي عربي إيراني , مع محاولة ابعاد الأردن عن أي ملف يخص المنطقة وفلسطين , إلا ان انخرطت بشكل مباشر وأعلنت أنها ضد ايران بشكل علني , وهذا الذي لم يحدث مطلقا , مع آخر اعلان لرئيس الحكومة الأردنية بأن الأردن لا ينظر الى ايران انها تهديد استراتيجي للأردن .

وتبقى الساحة مفتوحة على تطورات كبيرة , لا يمكن لأحد أن يتنبأ بها , وتبقى عمّان وسط هذه التطورات تحاول لململة الخيوط المنفرطة في محاولة لإيجاد مساحة آمنة للحفاظ على مصالحها وثوابتها تجاه القضية الفلسطينية .