الربيحات يكتب: هل يمكن للأحزاب ان تتنفس؟

30 يوليو 2022
الربيحات يكتب: هل يمكن للأحزاب ان تتنفس؟

بقلم : د.صبري اربيحات

على قائمة التوصيات او الاستنتاجات التي توصلت لها لجان الاصلاح التي بحثت في الشأن العام تأكيد على” ضرورة تيسير ودعم وتطوير العمل الحزبي”.

المشكلة ان هذا المقترح والتوصية لا يلقى صدى لدى المواطنين عامة ولا الشباب بشكل خاص، فالاسباب الكامنة وراء العزوف واضحة ولا تحتاج للكثير من الاجتهاد او البحث.

حتى الآن لا يوجد طريق واضح او متسع ومساحة ينص عليها ويكفلها الدستور لتمكين الاحزاب من لعب أدوار حقيقية في المشاركة السياسية وتحمل المسؤولية .

وثانيها معاناة الاحزاب التي يمكن ان تفكر او تقترح او تحمل رأي سياسي لا ترضى عنها السلطة من تبعات وعواقب هذا التفكير او النشاط.

أما العامل الجديد فهو بروز عدد من الاحزاب تحت التأسيس يتصدر قوائم تأسيسها أشخاص لا اهتمامات سابقة لهم بالعمل الحزبي ولم يعرف عن اي منهم اهتماما بالشأن العام ناهيك عن الاطروحات او التوجهات الاصلاحية التي يمكن ان تقنع الناس بمسعاهم .

أما الملامح الابرز والأهم فهي التصدعات والانشقاقات والانسحابات من صفوف الاحزاب الجاري العمل على إخراجها دون حديث عن أوجه الخلاف وأسباب الانسحابات او القناعات الجديدة لفرسان التغيير.

المشكلة التي قد لا ينتبه البعض لخطورتها ان بعض المسؤولين في الدولة ينتقدون الشعبوية ويتهمون من ينتقد السياسات بانهم يبحثون عن الشعبوية وكأن القرب من الرأي العام غير مهم، ويتناسون ان الاحزاب لن تزدهر اذا لما تكن طروحاتها قريبة من الناس وتحاكي همومهم واوجاعهم.

لا اظن ان الاحزاب التي يجري الترويج لها والعمل على ضخ روح فيها ستكون قادرة على اقناع الناس بدخولها والمشاركة في برامجها، ولا اظن ان من يدعون لها سواء ارتدوا كوفيات ملونة او أحادية اللون سينجحوا في كسب أشخاص غير الذين تفرغوا للتنقل بين هذا الحزب وذاك في ضوء جاذبية وتأثير الأسماء الأولى في قائمة المؤسسين.

الحياة الحزبية لا ولن تزدهر بترويج أشخاص طامحين للعودة الى مواقع ظنوا انهم سيمكثون فيها ابدا ولا بديباجة تقول للشباب العاطل بأنك ستغير الواقع بعد عقدين او اكثر من انضواءك في العمل الحزبي.

الاحزاب تحتاج إلى مساحة في هيكل الدولة ينص عليها “الدستور الحزب الحاصل على أكثر المقاعد يكلف بتشكيل الحكومة” والأحزاب تحتاج إلى مشاركة في انتخابات البلديات والمجالس والجامعات وكافة المجالس، والاحزاب لا يمكن ان تنجح عندما تختار طواقمها ويروج لها ابناء المسؤولين ممن لا مصلحة لهم بوجودها ولا قناعة لهم بعملها.

من غير المفيد ان ننهى عن الشعبوية وندعو الاحزاب ان تطرح نفسها وبرامجها على الجماهير، ومن غير المقنع للشباب ان يجري حثهم على الالتحاق بالاحزاب في الوقت الذي يجري تحذيرهم من أثر ذلك على فرص عملهم وعمل اشقاءهم واقاربهم وانسباءهم وجيرانهم وكل من قد يمت لهم بصلة.

الاحزاب مؤسسات وطنية وليست ديكورات يجري تركيبها ونزعها عند الحاجة.