الحكومة الأردنية تواجه ضغوطا متزايدة من الأوساط الاقتصادية لتغيير نموذج التوظيف السائد حاليا

13 أبريل 2022
الحكومة الأردنية تواجه ضغوطا متزايدة من الأوساط الاقتصادية لتغيير نموذج التوظيف السائد حاليا

وطنا اليوم – تعطي مطالبة الخبراء في الأردن بمراجعة جذرية لمجال التوظيف دليلا على ضعف الجدوى الاقتصادية للخطط القائمة، والتي تدفع الحكومة إلى إعادة التقييم والبحث عن حلول مستدامة لتحسين سوق العمل وجعله محفزا للنمو الاقتصادي.

ويعاني الأردن من صعوبات اقتصادية منذ سنوات، وهو ما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كونها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.

ويؤكد اقتصاديون أهمية برنامج التشغيل الذي أعلنت عنه الحكومة في تحفيز القطاع الخاص على توفير فرص العمل واستمرار توليد الوظائف واستدامتها على المدى البعيد، دون ارتباط بفترة زمنية معينة.

ويرون أن من الضروري التركيز على العمالة الموجودة حاليا في الأسواق وتثبيتها، واتخاذ حزمة متكاملة من السياسات، وانتهاج خطط عمل تستهدف حل التحديات المرتبطة بسوق العمل وأنظمة التعليم.

طارق حجازي: حل المشكلة يتطلب ربط أنظمة التعليم بسوق العمل

وكانت الحكومة قد أطلقت مؤخرا برنامجا يهدف إلى توفير 60 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص، من خلال التشبيك بين أصحاب العمل بناء على احتياجاتهم من العمال. وأرفقت ذلك بمتابعة القضايا والتحديات التي تواجه قطاع الأعمال في مسألة التوظيف، ومحاولة سد الفجوة الكبيرة بين احتياجات سوق العمل والمهارات والقدرات الوظيفية.

ووفق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الحكومية، فقد بلغ عدد المؤمن عليهم المشمولين في الضمان من القطاع الخاص حوالي 739 ألفا حتى الآن. واعتبر رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية بالبرلمان حسين الحراسيس، أن دعم المنشآت والتوظيف الجديد ودعم جزء من الرواتب لمدة ستة أشهر غير كاف.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى قوله إن البرنامج “يتطلب توفير منح وقروض لدعم المنشآت الصغيرة والمشاريع الأخرى، ما يعني تشغيل أكبر عدد ممكن من العاطلين، وتمكين القطاع الخاص من دون زيادة أعباء جديدة عليه”. وتطالب اللجنة بدعم الرواتب من 150 دينارا (212 دولارا) إلى 250 دينارا (353 دولارا) على الأقل بحسب الوظيفة أو المهنة.

وإلى جانب ذلك دعم تلك المنشآت لمدة عام حتى تتمكن بعدها من استدامة واستمرار الوظائف، ودعم القطاع الخاص من خلال تخفيض فاتورة الطاقة والعمالة الوافدة وتنظيم سوق العمل وتفعيل دور مؤسسة التدريب المهني في تنمية مهارات الشباب.

وبحسب بيانات لدائرة الإحصاء الحكومية، فقد قفز معدل البطالة من 22.7 في المئة في 2020 إلى 24 في المئة بنهاية العام الماضي، حيث بلغ معدل البطالة للذكور 22.3 في المئة، مقابل 30.7 في المئة للإناث.

وفي ضوء ذلك يبلغ عدد العاطلين عن العمل قرابة 400 ألف شخص، بينهم 260 ألفا من فئة الشباب، من إجمالي 10.75 مليون نسمة يمثلون عدد السكان، وهي نسبة يعتبرها المسؤولون الحكوميون عالية جدا.

ويعتقد ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن إيهاب قادري أن إشراك القطاع الخاص في البرنامج مهم لدوره الفعال الذي سيقوم به في إنجاح الغاية الرئيسة، وهي دعم سوق العمل في جميع القطاعات الاقتصادية في كافة أرجاء البلاد.

ورجح أن يحقق القطاع الخاص من خلال البرنامج أعلى مستوى من النتائج ضمن إطار خطة تطوير كاملة الأركان، تبدأ من تحديد حاجات ومتطلبات التشغيل مرورا بتعزيز القدرة على إحلال العمالة المحلية مكان الوافدة، ما يؤدي إلى خفض معدلات البطالة.

ويعد البلد أحد نماذج الاقتصاد الهش في المنطقة العربية، باعتباره يعتمد على المساعدات الخارجية بشكل مفرط، وتلتهم واردات الطاقة أكثر من ثلثي الموازنة السنوية، ولذلك فإنه شديد التأثر بالأزمات الخارجية وتقلبات الاقتصاد العالمي.

 

ويرى ممثل قطاع الألبسة في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي أن البرنامج خطوة في الاتجاه الصحيح للقضاء على البطالة وإحلال العمالة المحلية بدل الوافدة، وإعطاء فرصة للتدريب والتأهيل والمساعدة على إيجاد فرص عمل بالتشاركية مع القطاع الخاص.

وطالب بدعم القطاعات في جلب الوظائف لتخفيف الأعباء الضريبية والإيجارات والمصاريف التشغيلية كالطاقة والتراخيص والرسوم، والمحافظة على العمالة المدربة والمؤهلة وتمديد الحوافز مثل برامج الضمان الاجتماعي “استدامة، واستدامة المرن، وبادر” وغيرها.

ويحمل التأخر في معالجة بعض السياسات الاقتصادية في طياته أثرا مباشرا على الطبقة المتوسطة، حيث سيكون وقعه أشد وأكبر لاعتبارات متعددة تتعلق بالتركيبة الاجتماعية ومصادر دخلها وطبيعة إنفاقها.

كما أن مستوى قدرة هذه الفئة على التعامل مع مؤشرات التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع الدعم الحكومي للسلع والخدمات، نتيجة للإجراءات التقشفية وسياسات الإصلاح المختلفة، سيكون أقل مع مرور الوقت.

ويرى مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي أن البرنامج الحكومي للتشغيل يخفف من وطأة أثر أي أزمة أو جائحة، لأن مشكلة البطالة من أكثر التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأردن منذ سنوات عديدة. وقال إن “أفضل وسيلة لتوفير فرص عمل جديدة هي من خلال إنشاء المشاريع الاستثمارية وإنعاش النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل من خلال ذلك”.

وأضاف “حل المشكلة يتطلب حزمة متكاملة من السياسات واتباع خطط عمل تستهدف حل التحديات المرتبطة بسوق العمل وأنظمة التعليم، بحيث تتواءم مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل”.

ويثير التحسن الملحوظ في أرقام الاقتصاد الأردني تساؤلات لدى أوساط الخبراء، كونه لا ينعكس بوضوح على واقع البطالة، حتى رغم إطلاق الحكومة العديد من المبادرات لإنعاش سوق العمل.

وحمل منتدى الاستراتيجيات الأردني في تقرير نشره يناير الماضي حول البطالة في الاقتصاد الأردني، بعنوان “تحدي البطالة في الأردن: ما بين العرض والطلب”، الكثير من المآخذ حول عدم قدرة الاقتصاد على توفير فرص العمل.