أبناؤنا لا يعرفون سنبلة القمح إلا في الصور!

6 أبريل 2022
أبناؤنا لا يعرفون سنبلة القمح إلا في الصور!

وطنا اليوم:كتب ماجد الأمير : قبل 30 عاما كانت حقول القمح والشعير منتشرة في جميع مناطق المملكة، وكان مشهد » البيدر » والحصادين مألوفا في اشهر الصيف، وحتى أغاني وأهازيج الحصادين كانت حاضرة بقوة في التراث الشعبي.
تطور شكل الحصاد مع الآليات الحديثة التي تحصد وحدها دون تدخل الانسان، ولكن سنابل القمح بقيت منتشرة في جميع حقول الاردن، وغاب الحصادون التقليديون او البيدر لكن القمح بقي يزرع في حقولنا بكثافة، وغاب ما كان يعرف بـ«الفريكة» التي كانت مألوفة لدى العائلات في تلك الايام الخوالي.
في التحليل العلمي عن غياب زراعة القمح او تراجعه عما كان في السابق اسباب كثيرة بعضها سياسي متعلق بمطالب الهيئات المانحة بوقف الدعم عن الزراعة، واخرى ذاتي، ولكن الزحف العمراني على الاراضي الزراعية الموجودة في المدن والبلدات هو احد الاسباب الرئيسية لغياب حقول القمح من اراضينا، كما ان فكرة زراعة الارض بمحاصيل اخرى غير القمح ايضا من الاسباب الرئيسية التي ادت الى تراجع زراعته في الاردن.
بالمجمل كل التقديرات حاليا تؤكد ان الاردن يستورد غالبية احتياجاته من القمح من الخارج وان ما ينتجه لا يتعدى نسبا قليلة من احتياجاتنا. وزارة الزراعة باستمرار تقدم دعما لمن يزرع القمح عبر برامج مختلفة مثل » اكثار البذار » والتي تشترط على المزارع شراء البذور منها ثم الالتزام بشروط الزراعة وعند الحصاد تقوم الوزارة بشراء محصول القمح من المزارع بسعر اعلى من السوق من باب الدعم لزراعة القمح.
وفي الاردن يوجد بيئة خصبة لزراعة القمح وخاصة بسهول حوران في الشمال وسهول مأدبا والكرك اضافة الى الاغوار وحتى الوسط الذي امتد المد العمراني الى السهول لكن ما زالت سهولنا خصبة بانتظار زراعة القمح.
اليوم مع الحرب في اوكرانيا والعقوبات على روسيا بوصفهما من اكبر مصدري القمح لدول العالم، فقد عاد الحديث في الاوساط السياسية عن فكرة اعادة السياسة الزراعية لزراعة القمح بوصفه سلعة استراتيجية ومتعلقة بالامن الغذائي. وبالتأكيد الاردن يتبع سياسة في التعامل مع القمح تعتمد على وجود مخزون كاف من القمح لدينا، ولكن هذا القمح هو مستورد، وان التقديرات تشير الى وجود مخزون من القمح يكفي البلاد لمدة 15 شهرا قادمة وهو ما حافظ على اسعار الخبز ومنتجات القمح دون اية زيادة وهذه استراتيجية ناجحة على المدى القريب، ولكن في ضوء ا?حرب باوكرانيا باتت الحاجة الى سياسة عنوانها انتاج القمح في البلاد بكميات كبيرة تغطى معظم احتياجات الاردن حتى نبقى في مأمن عن اية تطورات مستقبلية خاصة وان القوى العالمية بدأت في صراع قوي بينها ستتأثر به كل دول العالم. الحرب في اوكرانيا ادت الى حدوث ارتفاعات في اسعار الطاقة والحبوب والزيوت النباتية وهو ما يعني ان الكثير من دول العالم التي تصدر مثل هذه السلع الاستراتيجية قد تغير سياساتها من » مصدّرة » الى بقاء منتوجاتها لديها حفاظا على امنها الغذائي، اي وقف التصدير حتى لا تتعرض الى اية مشكلة في حال كان هناك ط?رئ كالحرب في اوكرانيا، وهذا ايضا يساهم في فقدان عرض سلع الحبوب من الاسواق العالمية.
واثناء ازمة كورونا والاغلاقات بين الدول كانت المنتوجات الزراعية الاردنية هي السبيل الابرز للاشقاء في دول الخليج التي اعتمدت على منتوجاتنا الزراعية لدرجة ان سفير دولة خليجية قال لمسؤول اردني«لقد وفرتم لنا الكثير من احتياجاتنا من المنتوجات الزراعية اثناء الاغلاقات »