وطنا اليوم:على نحو متوقع، بدأ السوق الأردني يشهد ارتفاعات واضحة في أسعار بعض السلع وخاصة الأساسية منذ نشوب الحرب الروسية الأوكرانية مباشرة، فيما اعتبرت الحكومة وجمعية حماية المستهلك ونقابة تجار المواد الغذائية الذرائع التي يسوقها بعض التجار للزيادة غير منطقية، وأن الحرب لم تحدث انعكاسات حتى الآن على السوق الأردني.
وشهدت أسعار بعض السلع مثل الزيوت النباتية وبعض أنواع البقوليات والذرة ومادة الصويا ارتفاعات كبيرة في السوق المحلي بنسبة تجاوزت 20% لبعض الأصناف، وسط تحذيرات من حدوث موجة ارتفاع عامة في الأسعار خصوصاً المواد الغذائية من دون مبرر.
وقالت وزارة الصناعة والتجارة في بيان صحافي مؤخرا إنّ الحرب لم تؤثر على الأسعار محلياً نظراً لوجود مخزون كاف من مختلف السلع التموينية وغيرها، كما أنّ مستوردات الأردن من روسيا وأوكرانيا من المواد الغذائية محدودة جدا ويتم الاستيراد من مناشئ مختلفة.
وبينت الوزارة أنّ ارتفاع أسعار أيّ من السلع، إن حدث، فإنّه غير مبرر وسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المستهلكين والتصدي لرفع الأسعار من دون مبرر.
غلاء غير مبرر
من جانبها حذرت جمعية حماية المستهلك من الارتفاعات غير المبررة التي طرأت على أسعار بعض السلع الأساسية التموينية والكمالية وبعض أنواع الأعلاف خلال الأيام الماضية بذريعة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في حين أنّ هناك سلعاً أخرى ارتفعت أسعارها لا يتم استيرادها من هاتين الدولتين.اقتصاد عربي
وأضافت الجمعية أنّ نسبة واردات الأردن من هاتين الدولتين لا تتجاوز 10%، مشيرة إلى أنّ المخزون الاستراتيجي من السلع المستوردة من روسيا وأوكرانيا يكفي لأكثر من عام.
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات إنّ الارتفاعات على الأسعار التي طرأت مؤخرا غير مبررة، حيث قام بعض التجار بزيادة أسعار سلع غذائية بحجة الحرب على أوكرانيا، مشيراً إلى أنّه كان يفترض أن تنخفض أسعار المواد التموينية محلياً، بعدما خفضت الحكومة الرسوم الجمركية على كافة السلع وبنسبة وصلت إلى 30% بالنسبة لبعضها لكن حدث العكس.
وأكد ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق ومحاسبة كلّ من يتلاعب بقوت المواطنين مستغلاً نشوب الحرب للتذرع بها لزيادة الأسعار والمغالاة فيها لا سيما على أعتاب شهر رمضان المبارك.
الاعتماد على الاستيراد
وحسب بيانات رسمية، يستورد الأردن ما نسبته 80%-90% من احتياجاته الغذائية من الأسواق العالمية لعدم وجود إنتاج محلي من معظم السلع وعدم كفايته من الأخرى.
وكانت أسواق روسيا وأوكرانيا تشكل بالنسبة للأردن مصادر رئيسية لاستيراد القمح والشعير، لكن لم يتم استيراد أي كميات منهما هذا العام والعام الماضي من روسيا بسبب فرضها رسوما على صادراتها من هاتين المادتين وكذلك مادة الذرة.أسواق
ومن جانبها اشتكت جمعية ائتلاف مربي الأبقار التعاونية الزراعية من ارتفاع أسعار الذرة والصويا التي تستخدم كمواد علفية أساسية للمواشي وذلك بحجة الحرب.
وحسب بيان للجمعية فقد ارتفع طن الذرة من 275 دينارا إلى 300 دينار، وعند بعض التجار تجاوز السعر 310 دنانير أي بنسبة ارتفاع تجاوزت 10%، بينما ارتفع طن الصويا من 425 دينارا إلى 510 دنانير بنسبة بلغت 20% رغم انخفاض الذرة والصويا عالميا بنسبة 4%، وذلك بسبب أن الدول الغربية فرضت على روسيا عقوبات منها عدم تصدير هاتين المادتين.
شكاوى لوزارتي الصناعة والزراعة
وقال ائتلاف مربي الأبقار التعاونية الزراعية إنه تقدم بشكوى إلى وزارتي الصناعة والتجارة، والزراعة حول هذه الزيادة التي ستضر بقطاع الثروة الحيوانية وعلى وجه الخصوص الأبقار، كون الحكومة لا تدعم الأعلاف المباعة لها باستثناء الحيازات من الأغنام.
ونبهت الجمعية إلى مخاطر هذه الزيادة التي ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف إنتاج حليب الأبقار، ما سينعكس على كل منتجات الألبان والأجبان، حيث إن مادتي الذرة والصويا تشكلان أكثر من 35 بالمائة من علف الأبقار.اقتصاد عربي
وأشارت الجمعية إلى اعتماد الأردن في استيراد هاتين المادتين من الأرجنتين وأميركا ونسبة ضئيلة جداً من روسيا، إضافة إلى أنّ الكميات المتواجدة في الأسواق من هاتين المادتين متواجدة قبل الأزمة الأوكرانية.
وقال نقيب أصحاب المطاعم عمر العواد، إنّ أغلب أسعار المواد التموينية في الأردن ارتفعت بشكل كبير مؤخراً تزامناً مع الحرب الأوكرانية الروسية.
وأضاف العواد أنّ تنكة زيت القلي ارتفعت 3 دنانير، حيث بلغ سعر التنكة 27 ديناراً بعدما كانت تباع بـ 24 ديناراً كما ارتفع طن الحمص بمقدار 250 ديناراً للطن ليصبح سعره ألف دينار. (الدينار يساوي 1.41 دولار).
نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق قال إنّ ارتفاع أسعار بعض السلع حدث قبل الحرب بسبب قلة الإنتاج وفرض بعض البلدان رسوماً على صادراتها من السلع الغذائية.
وقال إنّ لدى التجار مخزوناً كافياً يضمن استقرار الأسعار هذه الفترة، وعدم ارتفاعها خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك.
تفاوض لتخفيض أسعار الطاقة
كما أنّ الأردن سيتأثر كثيراً بارتفاع أسعار النفط عالمياً والمترتب على الحرب الروسية الأوكرانية، إذ يستورد معظم احتياجاته من الخارج، وبالتالي من المتوقع أن ترتفع أسعار الوقود والكهرباء أيضاً، ما يفاقم أزمات الأردنيين المعيشية.
بدأت الحكومة الأردنية في التفاوض مع شركات الطاقة ولا سيما الكهرباء من أجل تخفيض الأسعار للمستهلكين وتخفيف الأعباء على المواطنين.
وحسب مختصين فإنّ قطاع الطاقة في الأردن يكتنفه الغموض وعدم شفافية الاتفاقيات التي تم إبرامها مع شركات أجنبية في مجال توليد الطاقة الكهربائية، وسط شبهات بأنّ العديد منها تنطوي على مخالفات صريحة وعدم عدالتها بالنسبة لشركة الكهرباء الوطنية، وتساهم في تحميلها أعباء مالية كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء المتفق على شرائها من تلك الشركات بموجب الاتفاقيات.
وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة إن إعادة التفاوض تعد أحد الإجراءات التصحيحية التي تقوم الوزارة بالعمل عليها حاليا لتخفيض كلف النظام الكهربائي، وبما يحقق مبدأ العدالة بين جميع الشركات العاملة في القطاع من جهة وشركة الكهرباء الوطنية من جهة أخرى؛ وذلك لتحقيق بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة على أسس متينة.
وبحسب وزارة الطاقة الأردنية من المقرر أن تتواصل اللقاءات مع الشركات للوصول إلى تفاهمات حول أسعار بيع الطاقة الكهربائية المولدة من مشاريع هذه الشركات لشركة الكهرباء الوطنية أو شركات توزيع الكهرباء بموجب اتفاقيات شراء الطاقة.
ويعتبر ملف الطاقة والتعدين في الأردن والاتفاقيات التي تم توقيعها مع شركات عالمية في مجالات توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية وشراء الغاز الطبيعي من الاحتلال الإسرائيلي الأكثر إثارة للجدل، ولا سيما بعد اكتشاف حالات فساد في بعضها وتورط متنفذين كبار فيها كبيع شركتي الفوسفات والبوتاس قبل سنوات عدة.
مطالب بعدم تحميل العبء للمستهلكين
وقال عضو مجلس النواب الأردني النائب موسى هنطش المختص في قطاع الطاقة إنّه يتوجب الإسراع بإعادة التفاوض مع الشركات لتخفيض أسعار الكهرباء الواردة في تلك الاتفاقيات، بما يخفض العبء على شركة الكهرباء الوطنية وشركات التوزيع، بحيث لا يتم مستقبلاً ترحيل تلك الأعباء إلى المستهلكين.
وأضاف أنّه تمت مطالبات حكومات سابقة بإعادة النظر بتلك الاتفاقيات التي فيها من البنود ما تتيح تعديل الأسعار لا سيما أنّ بعضها فيه غبن فاحش سيلحق بشركات الكهرباء والتوزيع والاقتصاد الوطني خسائر كبيرة.
وبيّن أنّ لدى الأردن اليوم فائضاً من الطاقة الكهربائية، إذ تقدر حاجته بنحو 3500 ميغاواط فيما النظام الكهربائي يولد 4500 ميغاواط من مصادر الطاقة المختلفة.
وأعلنت الحكومة عن رفع أسعار الكهرباء اعتباراً من بداية إبريل/ نيسان المقبل بهدف تخفيض كلف خسائر شركة الكهرباء الوطنية، وكذلك تنفيذاً لمطالب صندوق النقد الدولي في إطار برنامج التصحيح الذي يطبقه الأردن بالتعاون مع المؤسسة المالية الدولية.