مطالبة الزوجة بأجر مقابل الأعمال المنزلية في الميزان الدستوري والقانوني

25 فبراير 2022
مطالبة الزوجة بأجر مقابل الأعمال المنزلية في الميزان الدستوري والقانوني

المحامي د. مهند صالح الطراونة

آراء لا يمكن أن أصفهان إلا أنها عوار فكري تنادي بين فينة وأخرى بحقوق المرأة وضرورة إنصافها وحمايتها من الأضطهاد وأن المرأة لم تنال حقوقها بالشكل الكافي ،وهي دوما صاحبة حقوق منقوصة كما يزعمون وآخر هذه الأصوات ماسمعناه قبل يومين في احد الندوات الحوارية المنشورة بعض المطالبات النسوية بضرورة إصدار قانون يتضمن حق الزوجة في مطالبة زوجها بأجر عن الأعمال المنزلية اليومية العادية.

ومع التسليم بأن كرامة المرأة وحقوقها المختلفة وحماية الأسرة حقوق أصيلة ومكفولة في الدستور الأردني والقانون ولا يجوز الخروج عليها ، وان الدين الإسلامي الحنيف كفل هذه الحقوق في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، إلا أن هذه الحقوق تم تطويعها لغايات واهداف مشبوهة افرغتها عن جوهرها و مضمونها وانحرفت بها نحو الفساد وافساد المجتمع ومنضومته القيمية التي تربينا عليها.

ولعل المناداة بضرورة إصدار قانون يتضمن إجازة حق الزوجة في مطالبة زوجها بأجر عن الأعمال المنزلية اليومية أو الأعمال الرعائية و المقصود في الأعمال الرعائية هنا هي شؤون رعاية البيت المختلفة ( كالعناية بالأطفال وتجهيز الطعام والاهتمام بالنضافة داخل البيت) وذلك مقابل، وهذا المطلب بهذا الوقت وبهذه الصورة يشكل خروجا سافر على أحكام الدستور الذي جعل من دين الدولة الإسلام و كرم المرأة والأسرة ،و مخالفة لأحكام قانون الأحوال الشخصية الذي افرد فصلا كاملا عن حق الزوجة على زوجها في النفقة والرعاية، وفوق ذلك كله شكل خروجا على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، وخروجا سافرا على اعرف وتقاليد المجتمع الأردني الذي رسخ قواعد جوهرية في رفع مكانة المرأة والزوجة وحقها في العيش الكريم والنفقة .

وعن مدى شرعية المطالبة بمثل هذا الأمر تجدر بالأشارة ذكر بعض النصوص الدستورية والقانونية ذات العلاقة بالموضوع حيث نصت المادة( ٢ )من الدستور الأردني على أن ” الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ” ونصت المادة( ٥/٤)على أن
(الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن, يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها)، وكذلك المادة (٥/٦) يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال.
وكذلك تضمن قانون الأحوال الشخصية الأردني أحكام النفقة في الفصل الثاني بعنوان(النفقة الزوجية) هذا الفصل ويتضمن النصوص من(٥٩) إلى ( ٧١ ) وهي كالآتي:

نصت المادة (59) على أن :”أ. نفقة كل إنسان في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها ولو كانت موسرة.
ب. نفقة الزوجة تشمل الطعام والكسوة والسكنى والتطبيب بـالقدر المعـروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها خدم.
ج. يلزم الزوج بدفع النفقة إلى زوجته إذا امتنع عن الإنفـاق عليـها أو ثبت تقصيره.”ونصت المادة (60) على أن :” تجب النفقة للزوجة ولو مع اختلاف الدين من حين العقد الصحيـح ولو كانت مقيمة في بيت أهلها، وإذا طالبها الزوج بالنقلة إلى بيت الزوجية فامتنعت بغير حق شـرعي فلا نفقة لها، ولها حق الامتناع عند عدم دفع الزوج مهرها المعجل أو عدم تهيئته مسكناً شرعياً لها ، ونصت المادة (61) على أن :”أ. تستحق الزوجة التي تعمل خارج البيت النفقة بشرطين:
1. أن يكون العمل مشروعاً.
2. أن يوافق الزوج على العمل صراحة أو دلالة.
ب. لا يجوز للزوج الرجوع عن موافقته على عمل زوجته إلا بسـبب مشـروع ودون أن يلحق بها ضرراً.”
وكذلك نصت المادة (62) على أن : إذا نشزت الزوجة فلا نفقة لها ما لم تكن حاملاً فتكون النفقة للحمل، والناشز هي التي تترك بيت الزوجية بلا مسـوغ شرعي، أو تمنع الزوج من الدخول إلى بيتها قبل طلبهـا النقـلة إلى بيـت آخـر، ويعتبر من المسوغات المشروعة لـخروجها من المسـكن إيـذاء الـزوج لـها أو إساءة المعاشرة أو عدم أمانتها على نفسها أو مالها.وكذلك المادة (63) نصت على : الزوجة المسجونة بسبب إدانتها بحكم قطعي لا يد للزوج فيه لا تستحق النفقة من تاريخ سجنها.
المادة (64): تفرض نفقة الزوجة بحسب حال الزوج يسراً وعسراً، وتجوز زيادتها ونقصـها تبعاً لحالته، على أن لا تقل عن الحد الأدنى بقدر الضرورة من القـوت والكسـوة والسكن والتطبيب، وتلزم النفقة إما بتراضي الزوجين على قـدر معين أو بحكـم القـاضي، وتسقط نفقة المدة التي سبقت التراضي أو الطلب من القاضي.
نصت المادة (65) على أن : إذا امتنع الزوج الحاضر عن الإنفاق على زوجته وطلبت الزوجة النفقة، يحكم القاضي بنفقتها اعتباراً من يوم الطلب .ونصت المادة (66) على أن : إذا عجز الزوج عن الإنفاق على زوجته وطلبت الزوجة نفقة لـها، يحكم بها القاضي من يوم يوم الطلب على أن تكون ديناً في ذمته، ويأذن للزوجة أن تنفق من مالها أو أن تسـتدين على حساب الزوج.ونصت المادة المادة (67) على أن : إذا حُكم للزوجة بنفقة على الزوج وتعذر تحصيلها منه، يلزم بالنفقة من تجـب عليه نفقتها لو فرضت غير ذات زوج، ويكون له حق الرجوع بها على الزوج.ونصت المادة (68) على أن : إذا تغيب الزوج وترك زوجته بلا نفقة أو سافر إلى محل قريب أو بعيد أو فقد، يحكم القاضي بنفقتها من يوم الطلب بناءً على البينة التي تقيمها الـزوجة علـى قيام الزوجية بينهما بعد أن يحلفها اليمين على أن زوجـها لم يترك لـها نفقـة وأنها ليست ناشزاً ولا علم لها بأنها مطلقة انقضت عدتها.ونصت المادة (69) على أن : يفرض القاضي من حين الطلب نفقة لزوجة الغائب أو المفقود في ماله أو على مدينه أو على مودعه أو من في حكمهما إذا كانوا مقرّين بالمال والزوجيـة أو منكريـن لهما أو لأحدهما بعد إثبات مواقع الإنكار وبعد تحليفها في جميع الحالات اليمين الشرعية المنصوص عليها في المادة (68) من هذا القانون، ونصت المادة (70) على أن : أجرة القابلة والطبيب الذي يُستحضر لأجل الولادة عند الحاجة إليه، وثمن العلاج وأجور المستشفى والنفقات التي تستـلزمها الولادة أو التي تنشأ بسببها، يلزم بها الزوج بالقدر المعروف حسب حاله سواء كانت الزوجية قائمة أو غير قائمة. ونصت المادة (71) على أن : على الزوج نفقات تجهيز زوجته وتكفينها بعد موتها.

الخلاصة
وباستقراء النصوص الدستورية والقانونية نستخلص ما يلي :
_أولا : واضح أن التشريع الأردني قد كفل حق الزوجة في الرعاية والمصرف والنفقة وان اية مطالبات بهذا السياق هي مطالبات بتشريعات وحقوق كفلها الدستور والقانون .

_ ثانيا : إن استخدام مصطلح( أجر ) غير مقبول في عقد كعقد الزواج والصحيح هو ( النفقة )وهو الحق الذي كفلها قانون الأحوال الشخصية متقدم الذكر وجميع نصوصه مستنبطه من التشريع الإسلامي .

_ثالثا: إن المطالبة بهذا النوع من الحقوق بهذا الوقت وبهذه الطريقة يشكل خرقا لبنيان المجتمع المبني على قواعد التشريع الإسلامي وعلى العادات والقيم الأردنية الأصيلة ٠وفيها خرقا واضحا للدستور يجب أن نقف لها بالمرصاد بالنقد .

رابعا : الصيغة التي يطالب أصحاب الرأي هي ذاتها التي تتبناها المنظمات الدولية المشبوهة .
أخيرا الموضوع طويل وذي شجون ،وهذه إشارة سريعة للرد على المهاترات واللغط الذي يدور حول الموضوع، ولم أتحدث عن المشروع الإصلاحي الذي تبناه سيدي صاحب الجلالة الذي وضع في سلم أولوياته تمكين المرأة وتعزيز حقوقها لان هذا يخرج عن نطاق الرأي في هذه الجزئية بالذات

حفظ الله الأسرة الأردنية ومجتمعنا الأردني الأصيل المترابط المتلاحم من شر كل ذي شر .

والله على ما أقول شهيد
Mohannad.altarawneh@yahoo.com