وطنا اليوم:تقف أسر من ذوي الدخل المحدود في محافظة جرش أمام خياري الاستمرار في اعتماد الكهرباء كوسيلة للتدفئة وتكبد مبالغ مالية لا قدرة لهم عليها نتيجة الارتفاع المرتقب بأسعار التعرفة، أو التوجه إلى بديل مجاني على حساب الثروة الحرجية من خلال التحطيب والاعتداء على الغابات.
ويحذر مهتمون بالشؤون البيئية والحفاظ على الغابات، من خطورة تبعات ارتفاع أسعار الكهرباء المتوقعة، كون شريحة واسعة تستخدم الطاقة الكهربائية في التدفئة، معربين عن قلقهم بالقول “من غير المستبعد أن تعود شريحة واسعة من سكان جرش لاعتماد حطب أشجار الغابات كوقود لمدافئهم”.
ومن الجدير ذكره، أن أصحاب الدخل المحدود أنفسهم يؤكدون إمكانية خيار “الحطب”، بعد ارتفاع أسعار الكهرباء، رغم قناعاتهم بخطورة ذلك على الثروة الحرجية، مبررين ذلك بقولهم “توجهنا منذ عامين إلى الاعتماد على “التكييف” لتدفئة منازلنا نظرا لانخفاض تكاليفها مقارنة مع وسائل ثانية، غير أننا لا نستبعد تغير وسيلة التدفئة بالعودة الى الحطب والجفت الأقل ثمناً”.
ويقول رامي العياصرة من سكان المحافظة، إنه يعتمد على جهاز التكييف في التدفئة في كل فصل شتاء نظرا لانخفاض كلفة تشغيله مقارنة مع وسائل التدفئة الأخرى، موضحا ان الفاتورة الشهرية للكهرباء لا تتجاوز قيمتها 70 دينارا، بينما لا يقل استخدام أي وسيلة تدفئة أخرى عن 120 دينارا شهريا.
وتابع العياصرة إن ارتفاع اسعار الكهرباء المتوقعة خلال المدة المقبلة يجبر السكان وخاصة ذوي الدخل المحدود على العودة الى الغابات وجمع الحطب واستخدامه في التدفئة، سيما وأن الارتفاع المتوقع على فواتير الكهرباء سيكون كبيرا جدا ولا يستطيع المواطنون تحمل الزيادة على الأسعار كما تم الاعلان عنه.
وبين أن شرائح واسعة من أبناء القرى والبلدات استبدلوا وسائل التدفئة بالوقود والحطب بوسيلة “التكييف” معتمدين على الطاقة الكهربائية الأكثر أمناً وأقل كلفة من الوسائل الأخرى التي تشكل عبئا على الأسر.
واعتبر الناشط والمهتم بالشأن البيئي معتز العضيبات أن رفع أسعار الكهرباء يهدد الغابات والثروة الحرجية التي تتميز بها محافظة جرش، خاصة وأن الحطب والجفت سيكون الملاذ الآمن لذوي الدخل المحدود للهروب من تكاليف مشتقات النفط المرتفعة وفواتير الكهرباء التي من المتوقع أن تكون باهظة مقارنة بدخل المواطنين المتواضع.
ويرى أن خطر التوجه لتحطيب الغابات سيكون له انعكاس سلبي سياحيا وبيئيا، لعدم وجود اي خيارات اضافية للتدفئة، قائلا “إن آلاف المواطنين يستخدمون “التكييف” للتدفئة وسيكونون مجبرين على التحول الى خيارات أخرى”.
ويحذر الخبير البيئي ومدير محمية غابات دبين المهندس بشير العياصرة من التوجه إلى الغابات في سبيل توفير وقود الشتاء للأسر ذات المدخولات المتوسطة والمنخفضة، خاصة وأن الارتفاع على فواتير الكهرباء سيكون كبيرا مقارنة مع دخل الأسر، مشيرا إلى أن آلاف الأسر تعتمد حاليا أجهزة التكييف في التدفئة كونها أقل كلفة من وسائل أخرى.
وأوضح أن حالات الاعتداء على الغابات انخفضت بنسبة لا تقل عن 60 % خلال العامين الماضيين والسبب في ذلك هو تحول المواطنين إلى استخدام اجهزة التكييف الكهربائية في التدفئة والابتعاد عن استخدام الحطب والمشتقات النفطية.
ويعتقد العياصرة أن رفع أسعار الكهرباء سيزيد العبء على المواطنين الذين يستخدمون الكهرباء في التدفئة ويجبرهم على العودة إلى الحطب والجفت في كون المشتقات النفطية أسعارها ايضا مرتفعة ولا تتناسب مع مدخولاتهم الشهرية.
وأكد أن رفع اسعار الكهرباء سيكون من أكبر التهديدات التي ستنعكس سلبا على الغابات الحرجية وسترفع نسبة الاعتداءات على الغابات، وستجبر المواطنين على تقطيع أشجار أراضيهم لاستخدامها في التدفئة.
وبين العياصرة أن الاعتداء الصارخ على الاشجار يشكل خطراً بيئياً وسياحياً، خاصة وان محافظة جرش تتميز بغطاء نباتي جيد ومقصد سياحي نشط على مدار العام، بينما تهديد الغابات بالقطع يشكل مخاطر على الغطاء النباتي كونها ستكون البديل الآمن للمواطنين لاستخدامها في التدفئة