بقلم الأستاذ الدكتور تركي بني خالد
عندما يكون الكلام في الوطن أو للوطن فانه لا ينتهي. فلا الكلمات ولا المعاجم بقادرة عندما تنفتح القريحة للوطن. الكل يتحدث عن الوطن والكل أحيانا يتحدث باسم الوطن وهناك الكثيرون ممن يتغنون بحب الوطن ولا غرابة في ذلك. لكن الوطن اكبر من الجميع.
وفي رأيي المتواضع إن الوطن مفهوم معنوي ومادي له أبعاد جغرافية وتاريخية وانعكاسات اجتماعية ونفسية وفكرية عظيمة. فالوطن هو المكان والسكن والسكينة. والوطن هو الألفة والمودة. والوطن حيث تنزل وحيث يحلو لك أن تقيم. والوطن بشقيه المادي والمعنوي رديف الحياة وعنوان الانتماء.
هو المأوى وهو الملاذ واليه تشد الرحال وتشتاق الأرواح حين الابتعاد. هو ارض الآباء والأجداد وما وصلنا من تراثهم العتيد. والوطن هو صنو الإيمان، فمن امن بوطنه وجعل حبه فوق كل حب، ارتقى إلى تلك القدسية التي تبرر الفداء والتضحية والشهادة.
ولا تعرف قيمة الوطن الحقيقية إلا عندما يفتقد الإنسان وطنه أو يضطر للابتعاد طوعا أو قسرا عنه بحثا عن فرص أفضل في الحياة والعمل. ولعل أجمل ما قيل ما ورد على لسان أمير الشعراء احمد شوقي:
وطَني لَو شغِلتُ بِالخلدِ عَنهُ
نازَعَتني إِلَيهِ في الخلدِ نَفسي
الوطن اكبر بكثير من مجرد إقامة في مكان ما لمدة من الزمن طالت أو قصرت. ومن كلمة الوطن نعرج إلى كلمة المواطن، ذاك الذي يواطن القوم فيعيش معهم في الوطن الواحد. وفي الوطن يأتيك الإحساس بأن لك حقوق وعليك واجبات. ولعل أجمل أحاسيس المواطنة أن تشعر بأنك حرا في وطن حر. فبدون الحرية تتلاشى قيم المواطنة الحقة.
أما الوطنية فهي حب الوطن والتعلق به ماديا ومعنويا. ويقال أحيانا أن فلانا قد رضع حب الوطن مع حليب أمه. فالتعلق بالوطن شعور يتغذى به الإنسان منذ ولادته، ويكبر معه كل يوم. والشخص الوطني هو الغيور على وطنه. محب له مخلص لقيمه ويضحي من اجله.
ومصلحة الوطن تعلو ولا يعلو عليها شيء. وقضايا الوطن العامة يجب أن تسود كل اهتمام. وأما الروح الوطنية فهي التي تبث الحياة لدى المواطن الحقيقي. وفي نظري انه ليس هناك ما هو أجمل من نشيد الوطن وكل ما قيل في الشعر الوطني.
الوطن باختصار يستحق التمجيد كل الأوقات وليس فقط عند مناسبة معينة. ومحبة الوطن فرض وواجب لدى كل من لديه إحساس بحياة كريمة على بقعة من الأرض. الوطن قيمة نحيا بها وبدونها لا معنى للوجود.