وطنا اليوم – ديمة الفاعوري – بعد أن وصل الاتفاق النووي مع إيران إلى حافة الفشل، تسعى دول، مثل السعودية استغلال الموقف لصالحها. في المقابل هناك تطلع في ألمانيا نحو الإدارة الأمريكية الجديدة لإنقاذ الاتفاق، الذي شاركت برلين في التوصل إليه.
بات الاتفاق النووي مع إيران على حافة الهاوية منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منه في عام 2018. كما لا يزال من غير الواضح كيف ستتطور الأمور بعد تغيير الرئاسة في واشنطن.
إلا أن هذه القضية أضحت أكثر إلحاحاً بسبب أمن المنطقة، السياسي في حزب الخضر الألماني أوميد نوريبور، قال، إن الاتفاق النووي مع إيران كان حتى الآن “العقبة الرئيسية أمام انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط”. وأضاف السياسي في تصريح لدويتشه فيله: “الأمر لا يتعلق فقط بمنع قنبلة إيرانية، ولكن أيضا حرمان الآخرين في المنطقة من تبرير سعيهم وراء القنبلة. ولهذا السبب بذل المعارضون للاتفاق بشدة من كلا الجانبين في منطقة الخليج كل ما في وسعهم من أجل إفشاله”.
الأسلحة النووية في السعودية هو “خيار”
يبدو أن المشكلة تكمن في أن استخدام إيران للتقنية النووية في المجال العسكري، سيهدد بانهيار المنطقة كأحجار “لعبة الدومينو“. لهذا عبرت المملكة العربية السعودية الآن عن موقفها من الاتفاق، وفي هذا الصدد قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، إن بلاده تحتفظ بالحق في تسليح نفسها بأسلحة نووية إذا لم يكن بالإمكان منع إيران من صنع تلك الأسلحة. أضاف الجبير في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “إنه خيار بالتأكيد”، مشيرا إلى أنه إذا أصبحت إيران قوة نووية فإن مزيدا من الدول ستحذو حذوها. وتابع “لقد أوضحت السعودية أنها ستبذل قصارى جهدها لحماية شعبها وحماية أراضيها”.
وإذا لم يعد الاتفاق النووي مع إيران فعالاً بما فيه الكفاية، فقد ينهار الأمن في المنطقة. في ألمانيا، تعلق الآمال الآن على أن يتم نزع فتيل القضية في أقرب وقت ممكن مع الإدارة الجديدة في واشنطن. من جهته قال أوميد نوريبور: “إنه أمر شائك بالنسبة لنا في أوروبا، للسعي لإنقاذ الاتفاقية النووية مع إدارة بايدن”. وحذر من أن أي شيء آخر غير هذا، سيوصل إلى أسلحة نووية في الجوار الأوروبي.
أوروبا بحاجة إلى استراتيجية جديدة مع إيران
من ناحية أخرى، يرى المتحدث باسم السياسة الخارجية عن “الحزب الديمقراطي الحر” في ألمانيا، بيجان دجير سراي أن “التمسك بالاتفاق لا يمثل نموذجاً مستقبلياً”. وأضاف جير سراي إن الأوروبيين بحاجة ماسة إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران. يقول السياسي الليبرالي ذو الجذور الإيرانية: “لا أحد يستطيع الانضمام إلى الاتفاقية التي أبرمناها في عام 2016. في غضون ذلك، طرأ الكثير من التغيير على المشهد السياسي، بما في ذلك في المنطقة”. في رأيه، “الاتفاق النووي مع إيران لا معنى له، إلا إذا تم أخذ جوانب أخرى في الاعتبار، مثل برنامج الصواريخ الإيراني، وقبل كل شيء، دور إيران في المنطقة بأكملها”. إذ تتنافس المملكة العربية السعودية وإيران على السيادة في الشرقين الأدنى والأوسط، وهي منطقة بها صراعات عديدة مثل الحروب الدامية في سوريا واليمن.
الطموح السعودي النووي
في عام 2015، وقع الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا على اتفاق مع الحكومة في طهران يقضي بوقف تطوير قنبلة نووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. لكن في مايو/ أيارعام 2018، في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق ووصلت به إلى حافة الفشل. وسعت إدارة ترامب جاهدة للتوصل إلى اتفاق أبعد مدى يشمل أيضًا برنامج الصواريخ الإيراني ويوقف تدخل إيران في النزاعات الإقليمية. والمملكة العربية السعودية تدعم هذا.
عندما سئل عما إذا كان يخشى من التغيرات التي قد تأتي في عهد جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة، أجاب وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية: “سنرى”، واصفاً الاتفاق السابق بأنه “ضعيف”.
ويعتبر ترامب حليفاً مخلصاً للسعودية ولا توجد لحد الآن معلومات عن البرنامج النووي للمملكة، كما أنها لا تمتلك محطات طاقة نووية. غير أن الحكومة أعلنت أنها تعتزم بناء 16 مفاعلًا نووياً على مدى العقود الثلاثة المقبلة.
ويهدف هذا البرنامج، حسب ما أعلن عنه، إلى تغطية الطلب المتزايد على الطاقة وكذلك استخدام مفاعلات أصغر لتحلية مياه البحر. كما تعمل الرياض بشكل أساسي مع الصين في مشاريع الطاقة النووية. في خطوة مماثلة لإيران، وقعت السعودية على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي تتعهد بموجبها الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية بعدم امتلاك أي منها في المستقبل أيضاً. رغم ذلك، ترددت منذ فترة طويلة مخاوف بشأن إمكانية تطوير أسلحة نووية. من جانبه هدد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في يناير/ كانون الثاني بسبب الخلاف على الاتفاق النووي.