وطنا اليوم:كشفت جائحة كورونا أن الوصول غير العادل للقاحات والعلاجات في حالة الأزمات والطوارئ الصحية، يحتاج إلى مشاركة التكنولوجيا مع المنتجين المحتملين في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل؛ لإنتاج لقاحات ومواد طبية لازمة للتصدي للمرض وإنقاذ حياة الناس.
واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن التوسع في خطوط إنتاج اللقاحات، وتمكين مزيد من البلدان من تصنيع اللقاحات تدخلات مهمة هدفها الحد من مشكلة تفاوت توزيع اللقاح بين البلدان، وتحقيق الغايات المستهدفة بتغطية 40 في المئة من السكان في نهاية هذا العام، و 70 في المئة منتصف العام المقبل.
ودخلت بلدان عدة، ومن ضمنها دول عربية، في اتفاقات مع شركات التصنيع العالمية للبدء بإنتاج اللقاحات محليا، ولم يكن الأردن من ضمنها على الرغم من السمعة الطيبة التي تحظى بها شركات الأدوية الأردنية محليا وإقليميا وعالميا، فضلا عن مستوى التطور والتحديث الذي وصل إليه هذا القطاع.
وقال مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتور نزار محمود مهيدات، إن المؤسسة تشجع المصانع وشركات الأدوية المحلية على تصنيع المطاعيم عبر التشريعات والأنظمة، وتقديم الاستشارات والمساعدة والخبرات المتوافرة لديها، ما شأنه تحفيز الاستثمار ونقل التكنولوجيا ودفع الشركات لتحقيق الأمن الدوائي وتوفير مطاعيم مصنعة محليا.
وأشار إلى وجود توجه لدى بعض الشركات الأردنية لإنتاج المطاعيم، كذلك بدأت في اتفاقيات عالمية لنقل هذه التكنولوجيا، كما تقدم الخدمات والاستشارات للمساعدة بهذا الخصوص في ظل محدودية الأسواق والجدوى المالية والاقتصادية.
وقالت أمين عام الاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية الدكتورة حنان السبول، إن هناك امكانية لتصنيع اللقاحات في الأردن عبر نقل التكنولوجيا من شركات عالمية، بحيث تبدأ في المرحلة الأولى بالتعبئة والتغليف، وإضافة مراحل التحليل ثم الانتقال إلى مراحل التصنيع الأولي تدريجيا.
وأشارت إلى أن هناك توجها وطنيا لدى بعض الشركات المنتجة للأدوية في هذا الشأن؛ وأيضا هناك شركة واحدة على الأقل بدأت في بحث اتفاقيات تعاون مع إحدى الشركات المنتجة لمطعوم كوفيد-19، بحيث تُنقل التكنولوجيا لتصنيع المطعوم إلى المملكة.
وأكدت السبول أن ذلك يعتمد على ما تتمخض عنه المباحثات مع الشركات المصنعة للمطاعيم، وبنود اتفاقيات التعاون التي ستتفق عليها بما في ذلك كلفة نقل التكنولوجيا، ومتطلبات الاستثمار في المعدات والأجهزة اللازمة للتصنيع، والنطاق الجغرافي للاتفاقيات، أي الأسواق التي سيتفق على تغطيتها من المطاعيم المصنعة بالمملكة.
وأوضحت أن الفائدة التي ستعود على المملكة من الاستثمار في تصنيع اللقاحات، ستكون على الصعيد الصحي بتغطية حاجة المملكة من المطعوم بدلا من الاعتماد على الشركات المصدرة، والبدء بتصنيع مطاعيم أخرى، واقتصاديا بتوفير فرص عمل جديدة في عدة مجالات، كالإنتاج التسويق، كما ينعكس على قطاعات أخرى، مثل النقل والتأمين والشحن وصناعة الكرتون والتسويق والقطاعات الاقتصادية الأخرى المرتبطة بقطاع الصناعة الدوائية، فضلا عن زيادة صادرات المملكة من المطاعيم للدول التي تحتاجها.
وبينت السبول أن أهم الفرص ونقاط القوة لدى القطاع، هي وجود هيئة رقابية قوية “المؤسسة العامة للغذاء والدواء” وتشجيعها على التوسع في المجالات المختلفة لمواكبة التطور في الصناعة الدوائية عالميا، وتطبيق أعلى معايير الجودة والتصنيع الدوائي الجيد وفقا للمعايير والمتطلبات العالمية؛ ما مكن الدواء الأردني من التصدير إلى أكثر من 70 دولة في العالم بما فيها أوروبا وأميركا.
وأشارت إلى أن المؤسسة بحثت مع الاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية والشركات المهتمة بتصنيع المطاعيم سبل تشجيع التصنيع محليا، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك.
وتابعت أن هناك تحديات خارجية وداخلية، أهمها صغر حجم السوق المحلي وكذلك السياسات التي تطبقها الدول لحماية صناعتها، بالإضافة إلى التباين في متطلبات التسجيل بأسواق التصدير المختلفة، ناهيك عن طول الوقت المستغرق في التسجيل بالأسواق الذي يصل لعدة سنوات أحيانا.
ومضت قائلة “كما هناك مشكلة عدم شمول قطع غيار أجهزة وماكينات التصنيع الدوائي بالاتفاقيات الموقعة مع الحكومة للإعفاء من الجمارك، وعدم شمول مواد البحث والتطوير بما فيها المواد الأولية والمواد المعيارية للمواد الفعالة وعينات الأدوية الجاهزة بالإعفاء من ضريبة المبيعات، عدا عن قلة الموارد البشرية ذات الخبرة في مجال تصنيع الأدوية البيولوجية والمطاعيم.
وطالبت بإيلاء قطاع الصناعة الدوائية أهميته كقطاع استراتيجي فاعل في المجالين الصحي والاقتصادي، من خلال تطبيق سياسات تشجع البحث والتطوير في القطاع وتزيد من تنافسيته محليا وإقليميا.
واكدت أن دخول الأردن مجال تصنيع لقاحات كوفيد-19، سيمهد الطريق لتصنيع اللقاحات المضادة لأمراض أخرى؛ ما يستدعي تجهيز المصانع والمختبرات المحلية وتعزيز الخبرات في مجال نقل التكنولوجيا وتصنيع المطاعيم، بما يمكن الشركات المهتمة في هذا المجال من التوسع في تصنيع مطاعيم أخرى.
وقال استشاري الوبائيات في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتور أمجد الخولي، إن تصنيع لقاحات كوفيد-19، يتطلب توفر بنية تحتية قوية في البلدان التي ترغب بذلك، وتيسير نقل تكنولوجيا التصنيع من البلدان المصنعة والوصول إلى اتفاقات بشأن حقوق الملكية الفكرية.
وأشار إلى سعي المنظمة منذ مرحلة مبكرة من ظهور اللقاحات إلى مساندة دول الإقليم بالقدرات التي تمكنها من البدء بتصنيع اللقاح، وتوقيع عدد من بلدان الإقليم اتفاقات مع شركات التصنيع للبدء بإنتاج اللقاحات محليا.
ومن البلدان التي وقعت اتفاقيات مع الشركات المصنعة لبدء الإنتاج وإجراء التجارب السريرية للمرحلة الثالثة، هي مصر، وإيران، والمغرب، وباكستان، والإمارات، والسعودية