حول مجلس الامن الوطني ..!

16 نوفمبر 2021
حول مجلس الامن الوطني ..!

المحامي بشير المومني

لم اطلع بعد على النص الدستوري المتعلق بهذا التعديل المهم جدا وآمل ان لا يكتنفه القصور لكن كفكرة عامة سبق وان تحدثت بها في اكثر من مرة وموضع كحتمية وجوبية في حال اتجهت الارادة السياسية لولادة حكومات حزبية برلمانية فاقرار وجود هذا المجلس هو مؤشر مهم على تغيير سياسي واسع على مستوى الدولة من حيث تشكيل حكومات حزبية تقود الدولة في مؤسساتها المدنية ..

دسترة فكرة مجلس الامن الوطني وتشكيله ومهامه جاء لعزل قواتنا المسلحة من جيش وامن عام ومخابرات عن اي تجاذبات واستقطابات حزبية او سياسية ومنعا وصونا لهذه المؤسسات الراسخة العميقة من ان تكون محلا للعبث السياسي والاهواء والامزجة للجهات التي تتبع لها حاليا فالجيش يتبع لوزارة الدفاع والمخابرات تتبع لرئيس الوزراء والامن العام يتبع لوزارة الداخلية كل حسب قانونه وفي حال تشكلت حكومة حزبية فلا يعقل ولا يجوز ان يكون رئيس وزراء قادم من رحم الحزب الشيوعي او الاخوان المسلمين مثلا مسؤول عن دائرة المخابرات العامة وترفع اليه التقارير والعمليات الاستخبارية ويكلفها بما يراه من مهام وعمليات وكذلك الحال بالنسبة لتبعية الامن العام لوزير داخلية بعثي سوري او تبعية الجيش لوزير دفاع بعثي عراقي مثلا مما يقتضي تعديل قوانين هذه المؤسسات تبعا للتعديل الدستوري الحكيم ..

اخطر ما في المشهد هو تسلل العمل الحزبي والافكار السياسية الى الجيش والامن العام والمخابرات وبما يؤدي الى خروج هذه المؤسسات عن نطاق الاحترافية والمهنية لتصبح اداة حزبية وسياسية لتنفيذ اجندات وتصورات وبرامج هذه التنظيمات وبما سيفضي الى انقسامها على نفسها وتناحرها وربما انقلابها بالنهاية على نفسها وعلى النظام والديمقراطية فالمسألة جد خطيرة وتحتاج الى وعي عميق وبعد نظر وحكمة بالغة واعتقد ان غياب هذه المسألة عن تفكير لجنة التطوير والتحديث السياسي كان غيابا غير موفق وكان سيؤدي الى كارثة امنية وسياسية واجتماعية داخل الدولة وتفككها وضربها وانقسامها ولنا في التجارب العربية التي اقحمت وأدلجت العمل العسكري والأمني العبرة ولزوم الاتعاظ وما ادى لذلك من كوارث لا تزال حتى اليوم ماثلة امامنا وادت بالنتيجة الى تفكك هذه المؤسسات وبناء انساق مؤدلجة بديلة لا تعدو كونها عصابات اجرامية .