كيف سيتذكر الأردنيون حكومة الدكتور بشر الخصاونة؟

9 نوفمبر 2021
كيف سيتذكر الأردنيون حكومة الدكتور بشر الخصاونة؟

الدكتور انيس الخصاونة

طغت أخبار تعامل رئيس الحكومة مع بعض التغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي غير المستندة لتوثيق على المشهد السياسي المحلي مثيرة انتقادات شديدة لدولته، ومسببة تآكل سمعته السياسية. جاءت هذه الحادثة بعد مضي بضعة شهور على تداعيات حادثة جلوس أحد النواب في المقعد المخصص لرئيس حكومة.

إن الطبيعة التراكمية التي يتشكل بها الرأي العام والموقف الشعبي من أداء رئيس الحكومة وفريقه الوزاري تدفع أي مراقب سياسي لبناء توقعاته حول مستقبل الحكومة وفترة بقائها في السلطة. وعلى الرغم من إدراكنا للمعطيات المحلية والإقليمية التي تحكم التغيير الحكومي، فإننا نعتقد بأن القبول الشعبي واتجاهات الرأي العام تشكل مؤشرا مهما ومؤثرا في قرار إقالة الحكومات.المستعرض لتاريخ الحكومات الأردنية المتعاقبة وعلاقته باتجاهات الرأي العام والرصيد الشعبي لهذه الحكومات يدرك تماما مدى حرص صاحب القرار السياسي على التجاوب مع الرضا الشعبي عن أداء الفريق الوزاري. أما فيما يتعلق بإنجازات الحكومات فإننا نعتقد أن هذا العامل لا يلعب دورا بارزا في قرار التغيير الحكومي، ولا نبالغ إن قلنا بأن الإنجاز الحكومي ربما يلعب دورا عكسيا أحيانا من خلال إسهامه في انخفاض شعبية الحكومة وخصوصا في الجوانب الفنية المتصلة بالأداء الإقتصادي والبطالة والضرائب والمديونية والحريات العامة. رؤساء حكومات أمضوا فترات هي الأطول في عهد الملك عبدالله الثاني واتخذوا قرارات إقتصادية هامه أنقذت انهيار العملة الوطنية إلى جانب محافظتهم على استقرار الأردن خلال الربيع العربي لكنهم خرجوا بسجلات قياسية من انخفاض الشعبية. بالمقابل هناك رؤساء حكومات لم تستمر حكوماتهم سوى عام أو عام ونيف وبدون أن يسجلوا أي إنجازات تذكر ومع ذلك فإن اتجاهات الرأي العام والمواقف الشعبي منهم كانت إيجابية.

يا ترى أين تقع حكومة بشر الخصاونة من التقييم المشار إليه آنفا، وكيف يمكن تصنيفها سواء من حيث الإنجازات أو القبول الشعبي؟ وهل سينظر التاريخ بإيجابية الى إدارة الحكومة لملفات هامة مثل جائحة كورونا، والحريات العامة، البطالة ،الفقر، مكافحة الفساد، والتعيينات في المواقع القيادية والدبلوماسية ؟.ففي ملف البطالة ارتفع معدل البطالة في عهد هذه الحكومة إلى 25% وفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، وبلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الأول من عام 2021 (24.2%) مقابل (28.5%) للإناث. وتشير ذات الأرقام الى أنّ معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار 6.1 نقطة مئوية، كما ارتفع للإناث بمقدار 4.2 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من عام 2020.

لن نتوقف كثيرا عند الملفات سابقة الذكر فليس من الإنصاف أن نحمل جل وزرها لحكومة بشر الخصاونة نظرا لكونها ملفات تراكمية عابرة للحكومات، وسنكون منصفين بالاعتراف بأن الحكومة قد سجلت نجاحا نسبيا في إدارة ملف كورونا وربما كان هو الملف الوحيد الذي يحسب لأداء حكومة الخصاونة.

حاولت كباحث وأكاديمي أن أقف على إنجازات أخرى تذكر لهذه الحكومة غير تلك المتعلقة بملف كورونا فلم أجد للأسف.

أما في الشأن الخارجي فإن ملف الاتفاقية مع الحكومة الامريكية ببنودها التسعة عشر الذي أتاح لقوات العم سام أن تنشئ إثنتي عشرة قاعدة عسكرية في المملكة ، من خلال ” اتفاقية التعاون الأردني الأمريكي ” المعقودة بين الطرفين لمدة 15 عاما يستحق التوقف عنده. والملفت في الموضوع هو عدم عرض هذه الإتفاقية على البرلمان لمناقشتها والمصادقة أو عدم المصادقة عليها.

استنادا إلى المؤشرات سالفة الذكر وتوقعات المراقبين بقرب التغيير الحكومي فإننا نتساءل كيف يمكن للأردنيين أن يتذكروا حكومة بشر الخصاونة ؟ نعتقد بأن إنجازات رئيس الحكومة وفريقه اقتصرت على استكمال إدارة أزمة جائحة كورونا وهو مسعى تراكمي أسهمت به أكثر من حكومة. لفت نظري تناول أحد مقدمي البرامج على شاشة التلفزيون خبر يتعلق بمرور عام على تشكيل حكومة الخصاونة مستعرضا إنجازات هذه الحكومة فلم يفلح في ذكر أي انجاز إضافة لإدارة أزمة كورونا إلا الباص السريع، علما بأن هذا المشروع أيضا جدلي وعابر للحكومات وما زال تقييمه يحتاج إلى مزيد من الوقت والدراسة للتحقق من جدواه وقدرته على تخفيف أزمة السير الخانقة في العاصمة. بالمقابل لن ينسى الأردنيون غياب دولة الرئيس عن عدة محطات مفصلية وأحداث مهمة ألمت بالوطن خلال فترة ولايته، ناهيك عن احتجاب دولة الرئيس طيلة فترة الحرب على غزة. على الرغم من أن الأردنيين طيبين نسائين ومتسامحين، فإن صورة الرئيس في مطار أبو ظبي في بداية ولايته، والتي تناقلتها وكالات التلفزة العربية والأجنبية، وطريقة تعامل الرئيس مع تغريدات منتقديه، كانتا برأينا الأكثر تأثيرا في تشكيل انطباعات الأردنيين السلبية عن رئيس حكومتهم. وبغض النظر عن إنجازرات الحكومة المتواضعة ،فإن هاتين القضيتين قد أسهمتا في استنفاد الحكومة لكامل رصيدها الشعبي والسياسي. القضية ليست قضية إنجازات بقدر ما هي قضية مواصفات وانطباعات ومتطلبات ،فمعظم رؤساء الحكومات السابقين لم يكونوا من أصحاب الإنجازات والبصمات الواضحة ،ومع ذلك لم تنحدر شعبية حكوماتهم إلى هذه الدرجة التي أظهرتها نتائج إستطلاعات الرأي مؤخرا. دولة الرئيس كثر شاكوا حكومتكم وقل شاكروها والله المستعان.