وطنا اليوم:في أول مقابلة مع صحيفة بريطانية، قال العالم الألماني من أصل تركي أوغور شاهين، الذي طور مع زوجته لقاحا جديدا ضد فيروس كورونا، إنه قادر على وقف الوباء.
وقال شاهين لصحيفة “الغارديان”، إنه واثق من قدرة اللقاح “على ضرب الفيروس على رأسه” وفق تعبيره، وذلك بعدما أثبتت الفحوص السريرية الأولية نجاعته.
وكانت شركة الأدوية الألمانية “بيوإن تك” والأمريكية “فايزر”، قد أعلنتا في بيان صحفي يوم الاثنين عن تطويرهما وبشكل مشترك، لقاحا مرشحا ضد الفيروس، وفاق التوقعات في مرحلة التجريب الثالثة، وبنسبة نجاح 90 في المئة، بشكل يمنع الناس من الوقوع في المرض الذي وضع العالم رهينة له طوال عام 2020.
لكن غياب الأدلة والبيانات جعلت الكثيرون يتساءلون عن نجاعته وقدرته على شفاء المصابين بالتهابات بدون أعراض.
وقال شاهين في أول مقابلة له مع صحيفة بريطانية إنه متفائل، وقال: “لو كان السؤال عن قدرتنا على وقف الوباء بهذا اللقاح، فالجواب: نعم”.
وحتى يوم الاثنين الذي كشف فيه عن نتائج الفحص، قال العالم إنه ليس متأكدا فيما إن كان اللقاح سيؤدي لتحفيز رد كاف من نظام المناعة الإنساني، قائلا: “هناك إمكانية أن لا يستهدف اللقاح الفيروس، وربما وجد طريقه إلى الخلايا، وواصل عمله، لكننا نعرف الآن أن اللقاح قادر على هزيمة الفيروس”.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه تجارب “بيو إن تك/فايزر” إن كان اللقاح قادرا على منع انتشار الفيروس، وليس فقط منع الناس الذين أصيبوا بالعدوى من الوقوع بالمرض مجددا، إلا أن الباحث البالغ من العمر 55 عاما، متأكد من فعالية اللقاح بشكل جعله يعتقد أنه يستحق عقد الآمال عليه.
وأنشأ شاهين وزوجته الباحثة العلمية أوزليم توريجي، شركة “بيو إن تك” في عام 2008، وكذا الباحث النمساوي كريستوفر هوبر، وطوروا اللقاح بأسلوب تجريبي معروف باسم “أم أر أن إي”.
وفي الوقت الذي تحتاج فيه اللقاحات التقليدية معلومات جينيه من الفيروس وتربيتها في خلايا بشرية، فإن “أم أر أن إي” يتطلب فقط الرمز الجيني بشكل يقصر عملية الإنتاج مدة 3 أشهر على الأقل.
وساعدت خبرة فايزر في إنتاج لقاحات للسوق، وبشكل واسع، على التحرك السريع من السلطات التنظيمية والتي سرّعت من عملية تطويره إلى مدة 10 أشهر، بدلا من سنين عدة.
وقال شاهين: “لا يوجد وقت للانتظار، تخيل أنك تريد أن تسافر من جانب واحد في لندن إلى الجانب الآخر، ولكن الشوارع مزدحمة، فأنت تحتاج لنصف يوم، وبالنسبة لنا، فالشوارع كانت خالية” قبل كورونا.
وقال شاهين إن المرشح الأكثر فعالية الذي برز من تجارب الشركة استطاع مهاجمة الفيروس “بأكثر من طريقة” وكذلك “يمنع اللقاح الفيروس من الوصول إلى خلايانا، وحتى لو استطاع الفيروس الهرب، فإن خلايا تي تقوم بضربه على رأسه وتقتله”.
وأضاف: “قمنا بتدريب أنظمة المناعة جيدا على هاتين الحركتين الدفاعيتين. ونعرف الآن أن الفيروس غير قادر على الدفاع عن نفسه ضد هاتين الحركتين”.
وقال شاهين إن الأسئلة المهمة ستتم الإجابة عليها خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
لا سيما بشأن معرفة إن كان اللقاح قادر على وقف التهابات دون أعراض، ولكن ذلك قد يحتاج إلى عام.
ويتوقع أن تشير التجارب إلى كيفية توفير اللقاح الحماية لمستويات عمرية مختلفة، التي ستظهر نتائجها بعد أسابيع.
على مراحل أو سنويا
ويأمل شاهين بأن يؤدي اللقاح الذي يحقن مرتين في الذراع خلال 3 أسابيع، بين الحقنة والثانية، إلى توفير المناعة للشخص لمدة عام على الأقل.
وقال: “لدينا معلومات غير مباشرة حول مدة المناعة. وأظهرت الدراسات على مرضى كوفيد-19، أن لديهم رد فعل مناعي قوي، ويحتفظون بالقدرة على الرد لمدة 6 أشهر. ويمكنني تخيل أنهم سيكونون آمنين لمدة عام تقريبا”. لكنه لم يستبعد أن تعطي لقاحات كوفيد-19 سنويا.
وكان إعلان اكتشاف اللقاح مدعاة للنقد خاصة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اتهم الشركتين بالإعلان عنه بعد الانتخابات، لأنه “لم تكن لديهما الشجاعة لعمل هذا”.
وقال شاهين إنه حصل على المعلومات عن نتائج التجربة الانتقالية في الساعة الثامنة صباح الأحد، من مدير شركة “فايزر ألبرت بورلا” الذي علم بها قبل ثلاث دقائق من مجلس الرقابة المستقل.
وقال: “كانت لحظة الحقيقة عندما انجلى عن عقولنا عبئ كبير. يجب عدم تسييس الأبحاث الدوائية لأن الأمر يتعلق بالنزاهة. وإخفاء معلومات سيكون أمرا غير أخلاقي، وما هو مهم لنا هو أننا نطور لقاحا ولا نلعب سياسة”.
وزادت أسهم “بيو ان تك” الاثنين، في أعقاب الإعلان، حيث أصبحت قيمتها 21.9 مليار دولار.
ولكن شاهين يرى أن هذه “مجرد أرقام على ورق، وسيأتي وقت علينا التفكير بما يجب علينا عمله بأموالنا. عادة من يخترعون شيئا جديدا يهتمون بعمل شيء جديد مرة أخرى. علينا التفكير فيما إن كنا سننشئ مؤسسة أم نقوم بمشروع معين”.
وعن هواياته التي سيمارسها بعد طرح اللقاح في السوق، أجاب: “نحن باحثون علميون بالفطرة، ونحب العمل، ونحب الحديث عنه. ولا يتسبب العمل لنا بالقلق، أو أن نحاول أخذ إجازة منه”.
وقال إنه لا توجد أي فرصة لاستبدال دراجته الهوائية التي يستخدمها للذهاب إلى العمل خلال الخمسة عشرة عاما الماضية بأي سيارة حديثة.
واحتفل شاهين وزوجته الاثنين “قليلا”، وقال: “جلست وزوجتي وتحدثنا قليلا، وشربنا الشاي، وكان الشعور بالراحة جيدا جدا”.
وكان الزوجان قد التقيا أثناء الدراسة في الجامعة، وتزوجا عام 2002، وكلاهما من أبناء مهاجرين تركيين، وصلا إلى ألمانيا في الستينيات من القرن الماضي.
لكن نبرته تغيرت بشأن الاقتراح أنه وزوجته سيكونان نموذجا لجيل من الألمان من أبناء المهاجرين، وقال: “لست متأكدا إن كنت راغبا بهذا، وأعتقد أننا بحاجة إلى رؤية عالمية، تعطي كل واحد فرصا متساوية”.
وأضاف: “الذكاء موزع بشكل متساو بين كل الأثنيات، وهذا ما كشفت عنه كل الدراسات. وكمجتمع علينا أن نسأل أنفسنا كيف نمنح كل شخص الفرصة للمساهمة في المجتمع. وأنا مجرد مثال بالصدفة، لشخص جاء من أصول أثنية، وربما كنت ألمانيا أو إسبانيا أو غيره”.