وطنا اليوم:“تطبيقات للتعارف”.. “عصابات رقمية”.. “فندقان مجهزان”.. “فتياتٌ مدربات”.. “الفريسة طماع”.. هذه مصطلحات من أدوات الاحتيال الرقمي الجديدة، لاصطياد ضحايا “الغرف المعتمة”.
تبدأ القصة عند تحميل تطبيق للتعارف، حيث تنهال عليك عشرات الرسائل والإشعارات التي تشدُّك للتعرف إلى فتيات والجلوس معهن في أماكن يتم تحديدها، ولا يمكن تغييرها تحت أي ظرف من الظروف.
ترسل الفتاة إشعارا للعضو الجديد في التطبيق، مفاده أنها تعيش في إحدى دول الخليج، وستأتي للأردن بهدف علاج والدتها، وبأنها تريد الالتقاء به بهدف التعارف وتبادل الأحاديث والتجارب الشخصية.
وبعد فترة وجيزة، ترسل الفتاة نفسها رسالة إلى الشخص المعني، تؤكد وجودها في الأردن، وتحديداً في أحد فنادق عمان الغربية، وبأنها تود الالتقاء به في أقرب وقت ممكن، وتحديداً في مطعم الفندق.
يذهب الضحية في الوقت المحدد، ليجد الفتاة بانتظاره أمام بوابة الفندق، فيدخلان معا إلى مطعم الفندق، ويطلبان فنجان قهوة و”كوكتيل”، ويتبادلان الحديث عن تجربة الفتاة في الأردن لمدة لا تتجاوز الساعة الواحدة، وبعد الانتهاء يطلب الضحية الفاتورة.
ومن هنا يبدأ الكمين، فقيمة الفاتورة للطلبين تصل إلى 270 دينارا، والضحية يعترض على القيمة المرتفعة، وبإشارة واحدة من النادل، يأتي 3 أشخاص يعملون في أمن وحماية الفندق إلى الضحية، ليهددوه بأن الكاميرات موجودة في المكان وسجلت الجلسة مع الفتاة.. “ولتجنب الفضيحة، عليك دفع الفاتورة وإلا سنقوم بنشر الفيديو”.
أما الضحية الذي في العادة لا يحمل في جيبه أكثر من 30 دينارا، فإنه يقوم بدفعها على الفور، والتعهد بدفع باقي المبلغ خلال يومين بعد حجز هويته وتهديده بالفضيحة.
هذه قصة العشريني زيد التي رواها في مقابلة مصورة ، شارحا ما حدث معه بعد تحميله أحد تطبيقات التعارف.
وزيد واحد من عشرات الضحايا الذين وقعوا في شباك العصابة التي تعمل على اصطياد ضحاياها من خلال تطبيقات التعارف، من قبل فتيات يدعين بأنهن يعشن خارج الأردن وحضرن للمملكة على سبيل الزيارة، بالاتفاق مع أشخاص من أصحاب أسبقيات يعملون في فنادق معينة في عمان الغربية.
من جهته، حذر مصدر أمني مسؤول، من الدخول إلى تطبيقات التعارف، خوفاً من الوقوع في شرك جهات مجهولة وتعرضهم للابتزاز الإلكتروني.
وأكد المصدر أن المسؤولية تحتم على من يتعرضون لهذه المواقف أن يتقدموا بشكاوى إلى مديرية الأمن العام التي فتحت قنوات عديدة للتواصل معها، مثل: تطبيق (911) أو تطبيق “فرسان الأردن” أو البريد الإلكتروني لمديرية الأمن العام psd@psd.gov.jo وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو مراجعة أقرب مركز أمني، ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في إطار القانون والمسؤولية العامة، لينال مرتكبوها جزاءهم من دون إساءة للمجتمع أو التشهير بالشخص.
أحد المواطنين اللبنانيين الذي جاء للأردن بهدف العلاج وشراء الأدوية، تعرف على إحدى فتيات العصابة عبر التطبيق، وبعد اللقاء المعتاد، قام بطلب الفاتورة، ليتفاجأ بأن قيمتها وصلت إلى 480 دينارا، واضطر لدفعها من خلال بطاقة الصراف الآلي الخاصة به.
المواطن اللبناني، طلب النجدة من أحد الأشخاص المعروفين بأنهم من أصحاب الأتاوات في المنطقة، والمكنّى بأبي قيس، ليساعده على استرداد جزء من قيمة الفاتورة، فقام أبو قيس بالتواصل مع أحد أفراد العصابة، والذي قام بإعادة مبلغ 300 دينار للمواطن اللبناني، بحكم “المعرفة القديمة” مع العصابة.
خبير أمن المعلومات د.عمران السالم، حذر من تحميل تلك التطبيقات، التي يستغلها البعض بغرض الابتزاز الإلكتروني، وطلب من الضحايا التبليغ عن الجرائم التي تحصل بحقهم إلى وحدة الجرائم الإلكترونية.
وبين السالم، أن عوامل الخوف من التهديد والمجتمع المحيط وبيئة العمل وترك الوظيفة، تحول دون الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية، خصوصاً إذا وصلت حد التهديد بالجوانب الأخلاقية.
وأوضح السالم، أن الهدف من إنشاء تلك التطبيقات ربما يكون مغايرا من قبل الشركة المؤسسة، غير أن البعض يستغلون التطبيقات للابتزاز اللاأخلاقي، ويحرفون المنصات عن مسارها الحقيقي.
يوسف (اسم مستعار)، وهو أحد أفراد العصابة الرقمية من أصحاب الأسبقيات، قال: “نحن نعمل في هذه الفنادق لفرض الأمن داخله، ونقوم بمراقبة الفتيات اللواتي يعملن لدينا، وعند حدوث أي مشكلة في دفع الفاتورة نقوم بالتدخل من دون تهديد لأحد”.
ويضيف يوسف: “نقوم بتوزيع قيمة الفاتورة بعد تحصيلها على 3 أجزاء، الثلث الأول لإدارة الفندق، والثاني للفتاة التي رتبت الموعد، والثالث للأشخاص الذين يقومون بحماية اللقاء”.
إلى ذلك، حذر خبراء من شركة “كاسبيرسكي لاب” العالمية، المتخصصة في أمن أجهزة الكمبيوتر، في وقت سابق، من خطورة استخدام بعض تطبيقات التعارف عبر الإنترنت.
وأوضح الخبراء أن بعض الثغرات الأمنية الموجودة في عدد من تطبيقات التعارف عبر الإنترنت تمكّن المخترقين من التجسس على مستخدميها.
والمعلومات -التي أكدها الخبراء- هي ثمرة تحقق من برمجيات العديد من تطبيقات التعارف التي تعمل على هواتف أندرويد وiOS، ومنها “Tinder، Bumble، OK Cupid، Badoo، Mamba، Zoosk، Happn Paktor وWeChat”.
وخلص الخبراء إلى أن تطبيقات “Tinder وHappn” وBumble”، هي الأكثر قابلية للاختراق من قبل قراصنة الإنترنت، فبالحصول على بعض معلومات المستخدم تمكّن الخبراء من التوصل إلى 60 % من حساباته الإلكترونية الموجودة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكشفوا أن أكبر خطر تشكله هذه التطبيقات هو ميزة تحديد الموقع، التي تخبر المستخدم بوجود شخص قريب منه يرغب بالتعارف، فرغم أنها لا تبين الموقع الدقيق للشخص، إلا أن أخصائيي “كاسبيرسكي لاب” استطاعوا اختراقها عبر ثغرات برمجية، وتحديد مكان الشخص الذي اختاروه بدقة، ما يعني أن قراصنة الإنترنت قد يتمكنون من تحديد موقع أي مستخدم لهذه التطبيقات، واستعمال هذه المعلومة لأغراض شخصية، وهذه الثغرات البرمجية وجدت بشكل أساسي في تطبيقات “Tinder وMamba وZoosk وHappn وWeChat وPaktor”.الغد