وطنا اليوم:بعد ساعات من اجتياح حركة طالبان للعاصمة الأفغانية 15 أغسطس الماضي، بدأت وسائل الإعلام في استخدام الصور الآنية من الأقمار الصناعية لتوثيق الفوضى في مطار كابل، والاختناقات المرورية التي نتجت عن تدفق حشود من الناس الراغبين بالفرار من البلاد.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى هذا الصيف التي لعبت فيها صور الأقمار الصناعية من الشركات الخاصة دورا محوريا في تشكيل فهم الجمهور لقضية الأمن القومي، حيث أصبحت بمثابة “عيون خاصة في السماء”، بحسب تحليل لمجلة “فورين أفيرز”.
وكانت رويترز، قد بثت نقلا عن شركة ميكسار تكنولوجيز، صورا لحشود من مدخل المطار إلى المدرج في حوالي الساعة 10:45 من صباح الاثنين الواقع في 16 أغسطس الماضي.
كما أظهرت صور الأقمار الصناعية طوابير السيارات كانت في طريقها إلى المطار مما تسبب في ازدحام مروري، وأدى بسير حشود على الأقدام إلى داخل المطار، على أمل الإجلاء بعد استيلاء مقاتلي طالبان المفاجئ على كابل.
وفي أواخر يونيو الماضي، أعلن باحثون في مركز جيمس مارتن للدراسات أنهم اكتشفوا أكثر من 100 صومعة صواريخ باليستية جديدة عابرة للقارات في غرب الصين باستخدام صور من شركة أقمار صناعية خاصة.
وبعد أقل من شهر، أفاد محللون في مركز أبحاث آخر أنهم حددوا حقل صواريخ صيني ثان قيد الإنشاء. وكلا الكشفين لم يأتيا من مصادر حكومية أو تسريبات للصحافة ولكن من الصور التي تم جمعها بواسطة أقمار صناعية مملوكة ومدارة من قبل شركات تجارية.
وتعتبر المجلة أنه من المحتمل أن تنذر هذه الأحداث بمستقبل به عدد أقل من الأسرار والخفايا، ما يمنح الكيانات غير الحكومية أدوات جديدة لرصد مزاعم السياسيين والتحقق منها بشكل مستقل.
كما يمكن للحكومات الكشف عن الأنشطة غير المشروعة بطرق بعيدة عن الأساليب القديمة.
وحتى وقت قريب جدا، كان لدى الحكومات فقط الموارد اللازمة لتشغيل جهاز المخابرات العام لمراقبة أنشطة الدول الأخرى. لكن ابتداء من السبعينيات، أدى انتشار الأقمار الصناعية التجارية إلى توسيع نطاق الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية الحساسة التي كانت في يوم من الأيام في أيدي الحكومة بشكل حصري تقريبا.
دور الصور في الأمن والسياسية
وعلى مدى العقد الماضي، زاد عدد الأقمار الصناعية التجارية بشكل كبير، وكذلك جودة الصور التي تنتجها. وحاليا، ترسل مئات الأقمار الصناعية التي تديرها شركات خاصة صورا عالية الدقة إلى الأرض على أساس الوقت الفعلي تقريبا.
وبحسب التقرير، إن توافر هذا النوع من المعلومات التفصيلية من الأقمار الصناعية التجارية يعني أن الحكومات لم تعد الكيانات الوحيدة التي تقرر متى تكشف عن معلومات قد تكون حساسة.
ولا ينبغي أن يكون مفاجئا أن الحكومات غالبا ما تكون مستاءة عند استخدام صور الأقمار الصناعية لفضح خداعهم أو أفعالهم السيئة، بحسب ما يقول التحليل.
وتنزعج الحكومات بالمثل عندما تكشف مثل هذه الصور عن أنشطتها المخالفة أو السرية. ويمكن أن تؤدي الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان أو انتهاكات القانون الدولي إلى إدانة أو معاقبة من المجتمع الدولي.
على سبيل المثال، قدمت صور الأقمار الصناعية التجارية لمنشآت الاعتقال الكبيرة في جميع أنحاء مقاطعة شينجيانغ بغرب الصين ، دليلا على احتجاز بكين للأقلية العرقية من الأيغور.
يمكن أن يتسبب الكشف عن الأعمال العسكرية الحساسة أو العمليات السرية الأخرى إلى إجبار الدول على الاعتراف بالأفعال التي تخفيها عن الرأي العام.
ومع تزايد عدد الأقمار الصناعية الخاصة، سيزداد أيضا مقدار المعلومات المتاحة للمستخدمين غير الحكوميين، وسوف تتضاءل سيطرة الحكومة على الاستخبارات، وستجد صعوبة متزايدة في إخفاء أنشطتها عن الأعين الخاصة المتزايدة في السماء.