تغير واختلال لكفة ميزان المعركة الديموغرافية في القدس الشرقية.. والسؤال من سرب عقارات وأراضي القدس وكيف؟

14 سبتمبر 2021
تغير واختلال لكفة ميزان المعركة الديموغرافية في القدس الشرقية.. والسؤال من سرب عقارات وأراضي القدس وكيف؟

المهندس سليم البطاينة

أسئلة لطالما كانت قبل وقت محرجة ، هل باع المقدسيين عقاراتهم ؟ وللإجابة على هذا السؤال يستلزم منا أن نرجع إلى بعض الحقائق لنعرف ماذا حدث خلال خمسون عاماً مضت من الإحتلال.

فبالتأكيد أننا لن نحصل على إجابات واضحة لا اليوم ولا غداً ولا حتى بعد غد ، لأن معرفة حجم العقارات المُسربة ضرب من الخيال لأنها تبقى رهن الخفاء لحين وقت الكشف عنها من قبل المستوطنين.

لذلك فإن حجم التسريبات أكبر مما نتوقع .. فعمليات تسريب العقارات تُثير حالة من الصدمة وتدق ناقوس الخطر إزاء ما تواجهه المدينة من عمليات تهويد وتسريب تحت سمع وبصر سلطة رام الله والعالم العربي والإسلامي .. فالهجمات الأخيرة على المسجد الأقصى هي حلقة صغيرة من سلسلة طويلة من سياسات التهويد التي تعتمدها إسرائيل منذ خمسة عقود.

فلم تشهد القدس عبر التاريخ أحداثاً درامية أسهمت بشكل جذري في تغير الطابع الديموغرافي والإقتصادي والإجتماعي والعمراني كتلك التي تشهدها هذه المرحلة حالياً من تهويد وإفراغها من سُكانها الأصليين .. فالقدس أقدم مدن العالم وقد شكلت المدينة عبر تاريخها مركزاً لعديد من الصراعات والنزاعات السياسية والدينية .. لذا فإن العاملين الجغرافي ( الأرض ) والديموغرافي تبقى لهما الكلمة الأخيرة في الصراع الذي تخوضه الصهيونية.

فالصراع العربي الصهيوني أخذ منذ بدايته صراعاً على الأرض والسكان ، وأخذ في نهايته شكل الصراع الجغرافي والديموغرافي والديني.

علماً أن إسرائيل عملت طوال العقود الماضية على صناعة الوقائع على الأرض واستباق كل شيء عبر أحداث التغير الديموغرافي للإنتقال بالمدينة الموحدة بجزئيها الشرقي والغربي إلى مدينة يهودية صافية يُصبح فيها الوجود العربي محدوداً دون أي تأثير على بنيتها الديموغرافية.

فلطالما كانت إسرائيل وما زالت توصل رسائل أمنية وسياسية مفادها أنه لا سيادة للعرب في القدس.

وباتت لا تتوقف عن مساعيها لفرض أمر واقع جديد لتغير كفة ميزان المعركة الديموغرافية لصالحها ، مستخدمة أذرعها الخفية لشراء الأراضي والعقارات والمنازل القريبة من المسجد الأقصى.

فقد أرتفع عدد البؤر الإستيطانية داخل البلدة القديمة إلى ٨٥ بؤرة و ٨٦ بؤرة في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.

وفي عام ٢٠١٩ نشر الصحفي الإسرائيلي ( نير حسون ) مقالاً في جريدة هآرتس عن أساليب جمعية عَطيرت كوهانيم وإلعاد اللتان تعملان بلا توقف وتتمددّان في كل زقاق المدينة القديمة وتجمعان أدق المعلومات حول العقارات.

فالحديث هنا يدور عن حجم هائل من العقارات التي سُرّبت .. فقد لفتت بعض الشخصيات المقدسية النظر إلى أن العقارات التي سُرّبت سارت في مسارات غاية في التعقيد حتى وصلت ليد جمعية عَطيرت كوهانيم وإلعاد الإستيطانية.

حيث تستولي تلك الجمعيات على معظم العقارات داخل البلدة القديمة وحولها بحجة أنها تندرج ضمن أملاك الغائبين أو بحجة أنها في الأصل مملوكة ليهود سكنوا القدس قبل قيام دولتهم ، أو عن طريق صفقات تتم بطرق ملتوية وبأموال طائلة.

فعلى الرغم من ذلك هناك شعور عام لدى سكان القدس الشرقية والبلدة القديمة بوجود دور مشبوه لشخصيات فلسطينية تقف خلف عمليات تسريب العقارات والأراضي .. وأن هناك دولة عربية تقف أيضاً خلف كل ذلك بتمويلها لكل تلك الصفقات الخفية.

فلا زالت هناك عقارات محط أنظار السماسرة الفلسطينيين كفندق جبل الزيتون ومطعم خان أبو خديجة الذي يقع في طريق باب السلسلة على بعد أمتار من المسجد الأقصى والقريب من ساحة البُراق .. وبلدة سلوان الواقعة جنوب المسجد الأقصى وأقرب البلدات المقدسية إليه مُحاطة أيضاً بأطماع استيطانية كبرى.

فالعقارات المُسربة في بلدة سلوان خصوصاً المُطل منها على بطن الهوى وحي البُستان أمست نقطة ضعف في خاصرتها .. فهناك أكثر من ٤٠ عقاراً سكنياً مملوكاً لفلسطينيين تم الإستيلاء عليه بطريقة الشراء المباشر أو التسريب .. وأغلبها في منطقة وادي حلوة ( الحوض المُقدس ).

إنه واقع مؤلم تعيشه القدس الشرقية .. فهناك حوالي ٦٠٠ شركة إسرائيلية تعمل منذ نهاية سبعينات القرن الماضي كأذرع استيطانية .. وما يزيد الألم الفضائح التي يقوم بها ضُعفاء النفوس من عمليات تسريب للعقارات .. فقد شهدت المدينة القديمة وعلى مدار سنوات تسريب عشرات العقارات السكنية والتجارية والتي تعود ملكيتها لعائلات فلسطينية.