#بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
يتعرض المجتمع الاردني كما غيره من المجتمعات لحملات اعلامية مؤدلجة يحاول اصحابها توجيه المجتمع وفقا لارادتهم ورؤيتهم، وخلق حالة من التشكيك وعدم الثقة بأي قرار رسمي، وحتى نوضح الفكرة الاساسية لن اناقش مسلمات تحصل شئنا أم ابينا لاننا مجتمع انساني، يجتهد فيه اصحاب القرار فيصيبون ويخطئون، وهنا لا ننزه احدا فالكل يخطئ بما انه يفكر ويقدم حلول لكثير من المسائل التي تتطلب اجتهاد، وعادة ما تحصل ثغرات يستغلها اشخاص متخصصون لجعل هذه الاخطاء مادة يلوكونها ويخلقون منها عناوين جاذبة ومؤثرة في شريحة معينة من المجتمع؛ وفرت لهم مواقع التواصل الاجتماعي مساحات كبيرة من الحرية وهذه المواقع تعتبر اهم بكثير من وسائل الاعلام الرسمية، التي أشفق على العاملين فيها بسبب القيود والخطوط الحمراء والزرقاء والصفراء التي تقيدهم، وبالمقابل هناك اشخاص يتحركون بكل حرية ويبنون تحليلات بناءً على منشور او حديث مجتزأ وتبدا الشوشرة للتأثير في الراي العام، وباعتقادي ان اخطر ما نواجهه ليس الفاسدون وحدهم، بل هؤلاء المؤدلجون والحاقدون الذين لا يلتزمون بضوابط، ويتابعهم اشخاص تحركهم دوافع متعدده جزء منها عن حُسن نية وبعضها غير ذلك. معركتنا في المجتمع لمواجهة هذه المسائل تتعلق بمستوى الوعي وكيف يتم توظيف هذا الوعي للتخفيف من حدة استهتار الناس وجعلهم يلتزمون اكثر بالقرارات الرسمية والتفكير المنطقي والعقلاني للحفاظ على استقرار المجتمع وحمايته من الغوغاء والجهلاء، صحيح ان الممارسات الرسمية لا تساعد على ذلك اذا اعتبرنا الرسميين جزء من تركيبة وثقافة المجتمع السائدة وقد تجد مسؤولا اكثر غوغائية من الافراد العاديين، وهذه مصيبة بحد ذاتها وهؤلاء يمثلون نسبة لا يستهان بها من القرار الحكومي. ما نريده اليوم ان يكون الوعي الفاعل الاهم من بين الفواعل العديدة للحفاظ والسيطرة على خطر وباء كورونا ونحن للاسف نشاهد سلوكا متهورا وغير منضبط وغير مصدق لكل الاشعارات الرسمية والارقام التي تذيعها الحكومة حول الاصابات وانتشار الوباء اجتماعيا إذ وصلنا الى الدائرة الحمراء في مصفوفة الحكومة، مما يعني ان المسؤولية ستكون على عاتق المواطن بالدرجة الاولي في كيفية المحافظة على اسرته واهله ومجتمعه الضيق من الاصابة ووقف انتشارهذا الوباء الخطير الذي قد لا يكون للحكومة والمجتمع القدرة على مواجهته إذا ما بقينا بنفس الطريقة من التفكير. سلوكاتنا المتهورة والطائشة نرصدها في مجالات عديدة مثل التدخين والسرعة والاحاديث المشوهة عند تناول شخصية ما وركوب الموجة من اعلاميين مؤدلجين يريدون تعبئة الناس ضد قرارات احتياطية واحترازية اتخذتها الحكومة منها اغلاق المساجد والمقاهي، وكيف لهؤلاء الذين نصبوا انفسهم قادة مجتمع بالف لايك اعجاب على صفحته ومبادرة فئة من الناس اتاح لها الفراغ ان تشكل رأي عام ضاغط في ظل غياب الطبقة الوسطى أو ما يطلق عليها الاغلبية الصامتة التي لا نراها تفعل شيء في التأثير على آراء المجتمع بسبب يأسها من الاصلاح واصطدامها بالشريحة الفاسدة التي تسيطر على مفاصل القرار، على هذه الاغلبية الصامتة ان تخرج من قمقمها وتبدي رأيها بكل ما يجري حولنا، وعلى وسائل الاعلام التي لا تفتح ابوابها الا لشلة من الاشخاص المملين الذين يفهمون في كل شيء وراكبينها ملط بالاقتصاد والسياسة وكل همهم التلميع الذاتي والشخصي طمعا بمكسب او منصب. معركتنا معركة وعي يقوم على اسس ثابتة وشفافة تزيد من ثقة الناس بالاجراءات الرسمية وتفتح الباب للمسائلة القانونية لهؤلاء الرسميون الذين يتخذون قرارات قد لا تكون في الصالح العام وانما تكون من باب انا موجود ، الموضوع المهم هو سيادة القانون وتطبيقة بعدالة على الجميع وان لاتخدم القرارات الحكومية شريحة على حساب الشرائح الاخرى. #استاذ العلوم السياسية جامعة البترا #ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري
Read more at: http://watananews.net/jonews/watana-oponion/264970.html#.X3IyBGhvbIU