من يحق له انتقاد المطبعين

24 أكتوبر 2020
من يحق له انتقاد المطبعين

بقلم: د. عادل يعقوب الشمايله

عملت في اواخر السبعينات رئيسا لمكتب مقاطعة اسرائيل في وزارة الجمارك. ولاحظت الاثر البالغ للمقاطعة العربية على اسرائيل رغم الخروقات من بعض الدول العربيه. كان تطبيق المقاطعة يجري اوتوماتيكا في المراكز الجمركية الاردنية حسب القوائم التي يرسلها المكتب في الوزارة استنادا الى قرارت مكتب مقاطعة اسرائيل في جامعة الدول العربية، دون ادنى تدخل من السلطات السياسية الاردنية.
كانت المقاطعة تشمل كافة المنتجات من البضائع والسلع والخدمات والانتاج الفني (افلام، اغاني، مسرحيات اذا كان للمخرج او المؤلف او الممثل أو المغني تعاون او تعاطف مع اسرائيل) وكذلك الكتب والمجلات والمؤتمرات.
صحيح ان مصر كانت اول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل، الا ان الحكومة المصرية لم تطبع مع اسرائيل لأن الشعب المصري كان رافضا للتطبيع.
-ثاني كيان تفاوض مع اسرائيل ووقع معها اتفاقية استسلام وليس اتفاقية سلام كان السلطة الفلسطينية. وجرى التطبيع مع اسرائيل فورا، رسميا وشعبيا. اسمنت ابو علاء هو الذي بنى السور العازل. وشعث لم يقصر. والعمال الفلسطينين هم من بنوه وبنوا المستوطنات. والبضائع الاسرائيلية تملأ رفوف المحلات في الضفة الغربية والقطاع.
بل ان التجار الفلسطينين الذين يسيطرون على قطاع الاستيراد والتصدير في الضفتين لم يتأخروا عن تسريب المنتجات الاسرائيلية الى الاردن ومنها الى الاسواق العربية.
المثل العربي يقول: لا تنهى عن خلق وتأتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيم
انا اكتب في العادة تحليلا كباحث. وواجب الباحث ان يبين الحقائق كما هي، وان لا يلونها برأيه الشخصي.
لا يجوز للسلطة الفلسطينية ولا للفلسطينيين ان ينتقدوا الدول العربية التي تطبع مع اسرائيل. لقد فقدوا مصداقيتهم. على السلطة وحماس ان تثبتا وطنيتهما وتمسكهما بالحقوق الفلسطينية كما بينتها قرارات مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للامم المتحدة، بأن توقفا فورا التعاون والتفاهمات الامنية مع اسرائيل، وأن لا تسمحا للعمال الفلسطينيين بالعمل في اسرائيل لان ذلك يساهم في اقتصادها خاصة مع ضيق قاعدة القوة البشرية الاسرائيلية، وان تُنظف المتاجر الفلسطينية من المنتجات الاسرائيلية بكافة اصنافها، وان تسمحا (السلطة وقيادة حماس) لقوى المقاومة الشريفة المخلصة،؟ أن تعبر عن نفسها بالوسائل الممكنة التي تقدرها حق قدرها، ولو تطلب ذلك أن تجبر اسرائيل السلطة وحماس على مغادرة الضفة الغربية وقطاع غزة، وطي السجادة الحمراء التي رميت لهما من بقايا الرايات الحمراء التي تعرض للثيران قبل قتلها، في المسابقات الاسبانية المشهورة.
عندها، وعندها فقط يمكن للسلطة وحماس وبقية الفلسطينيين ان يلوموا اشقائهم وسند ظهرهم العرب، من طبع منهم ومن هو في رسم التطبيع.