وزارة السياحة بين الواقع والوهم

22 أغسطس 2025
وزارة السياحة بين الواقع والوهم

بقلم.ماجد ابورمان
في الأردن، السياحة ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل مرآة تعكس جدية الدولة في إدارة مواردها الطبيعية والثقافية. لكن وزارة السياحة تبدو أحيانًا وكأنها موجودة للصور والشعارات أكثر من الإنجاز.

سياسة “الباب المفتوح” تتحول إلى شعارات بروتوكولية: أبواب مفتوحة للصور والتصريحات، مغلقة أمام وجع الناس وأفكار العاملين الميدانيين. برامج التسويق تبدو متكررة، مثل إعلان يُعاد تصويره كل موسم، بدون تغيير في الاستراتيجية أو الإبداع.

المفارقة الأكبر أن مكتب الوزير نفسه غالبًا لا يتجاوب مع المراجعين أو طالبي المواعيد. رسائل تُترك دون رد، اتصالات تُهمل، والمواطن أو المستثمر الذي يسعى لإيجاد حل عملي، يصطدم بجدار بيروقراطية صامتة. يبدو أن “الباب المفتوح” لا يشمل من يحتاج فعليًا إلى الخدمة، بل يقتصر على الصور واللقاءات الرسمية.

الوزراء يتغيرون بسرعة، كل تعديل وزاري يأتي بوعود جديدة، لكن أثر التغيير غالبًا ما يكون محدودًا. فجوة كبيرة تفصل بين الكلام الكبير عن جذب السياح، وبين الواقع على الأرض: مشاريع تتوقف، وجهود محلية تُهمش، وأماكن سياحية مهمة تُترك للتدهور.

المفارقة أن الأردن يملك كنوزًا طبيعية وتاريخية لا مثيل لها، من البحر الأحمر إلى البتراء، ومن وادي رم إلى المناطق الريفية الأقل شهرة. ومع ذلك، تبقى السياحة في هذه الوزارة سياحة في المؤتمرات، لا في الميدان. حضور إعلامي مرتفع، وواقع محدود.

وهنا تكمن هشاشة الوزارة: ليست فقط في التغيير السريع للوزراء، بل في ثقافة الإدارة نفسها، التي تختصر النجاح في الصور والشعارات، وتنسى أن الإنجاز الحقيقي هو الذي يُرى على الأرض ويستمر مع الزمن.

إن السياحة الأردنية تحتاج إلى رؤية ثابتة، قيادة حقيقية، واستراتيجية طويلة المدى. لا نريد وزراء موسميين، ولا برامج بروتوكولية، بل صناعة أثر دائم يرفع اسم الأردن ويخدم مواطنيه ويجذب العالم.