بعلمِ النفسِ: يا لكمْ من انانيينَ شخْصَانيينَ

15 أكتوبر 2020
بعلمِ النفسِ: يا لكمْ من انانيينَ شخْصَانيينَ

الهام سعيد فريحة

 

ايها الحاكمونَ والمتحكّمونَ، الا تشعرونَ بارتفاعِ الاسعارِ الجنونيةِ في البلدِ؟
آسفين كلَ الأسفِ إن ازعجناكم بالتفسير،بالعلمِ النفسي الذي درسناهُ في الجامعةِ الاميركيةِ في بيروت ، وكان تخصصنا به:
انهُ مرضُ اللاشعورِ، أي الانانيةُ المدمّرةُ .
عندَ شخصٍ عاديٍ كارثةٌ، فكيف عندَ طبقةٍ سياسيةٍ بأسرها، فماذا تُسمى؟
على ما أتذكرُ من علمٍ: مرضُ الانانيةِ يأتي منذ الولادةِ .

وحالفنا بؤسُ الحظِ، ان لدينا هذه الطبقةُ غيرُ المباليةِ،

نحنُ الشعبُ نحبُ الحياةَ والمزاجَ، وخاصةً نهار الاحدِ، المشاوي التي كنا نتباهى بها ، لا يمكنُ لأي عائلةٍ لبنانيةٍ ان تترفَهَ بها اليوم، هذا في صنفِ اللحومِ ومشتقاتهِ ويسري على الدجاج إن وُجدَ.
الامرُ الثاني الاكثرُ تحبباً للشعبِ اللبناني السفرُ والسياحة، ولحسن انانيتكم اتت الكورونا لتنهي علينا غلاءَ اسعارِ تذاكرِ السفرِ بشكلٍ غير مقبولٍ، ناهيك ان اموالنا محجوزةٌ.
الشعبُ الحضاريُ يُركزُ على “المونةِ” للشتاء التي هي من أرضنا، شيءٌ اساسيٌ ورثناه عن جدودنا واهلنا.
بالكاد يستطيعُ الشعبُ ان يتمّونَ ليومهِ، ولكن انانيتكم لا تسمحُ لكم ان تعرفوا
الشعب الذي دمرتموهُ قهراً اصبحَ يختارُ أِمّا غداءً او عشاءً لعائلتهِ،
***

ماذا ينتجُ بعدُ عن انانيتكم المتجذّرةِ؟
ماذا عن الدواءِ؟ الذي يحتكرهُ مستوردو الادويةِ كما يُقالُ نقلاً عن اصحابِ الصيدليات، حيث ان واجبهم ان يشرحوا للمواطنِ ماذا يحصلُ، ولماذا انقطاع الدواءِ، وعلى سبيلِ المثالِ لا الحصرِ ان دواءً شائعاً كلنا نعرفهُ واسمه “بانادول” ، من قديمِ الزمانِ في بلادنا،اصبح مقطوعاً من اغلبِ الصيدليات، ويكفينا ذكرُ هذا الدواءِ كي لا ندخلَ في سراديبَ كثيرةٍ وما اكثرها.
اما ادويةُ التعقيمِ المُجبرونَ عليها خاصةً في ظروفِ وباءِ الكورونا لننسى المستوردَ منها، ارتفعت اسعارها 100 بالمئة.
يوجدُ مثلها عندنا في المصانعِ اللبنانية واسعارها نصفُ سعرِ المستوردِ .
***
لنذكرَ، وهذا ما يقتاتُ به عموماً الشعبُ.. الحبوبَ اللبنانية التربة، ترتفع اسعارها اسبوعاً بعد اسبوع، لتصلَ الى سلعٍ تنعدمُ القدرةُ الشرائيةُ لها.
الصنوبرُ البلديُ اللبنانيُ التاريخيُ انقرضَ من بيوتنا، اذ اصبحَ سعر الكيلو ما يوازي 55 دولاراً على سعرِ الصرفِ في السوقِ السوداء، أي ما يوازي حوالي 440 الف ليرة لبنانية.
والاكلاتُ التي كان يمتازُ بها المطبخُ اللبنانيُ اصبحت دونَ نكهةٍ او طعمةٍ بدون “كمشتين” صنوبر .
المياهُ المعدنيةُ اللبنانيةُ ارتفعت اسعارها، لمن يستطيعُ شراءها. اما باقي الشعبِ فالى التعبئةِ لا ندري من أين، وكيف، وهل هي صالحةٌ للشربِ أي غيرُ ملوثةٍ.
***
بعد تعدادٍ بسيطٍ من الامثلةِ الموجعةِ لم نأتِ على ذكرِ رفعِ الدعمِ الذي سيلدعنا “بنارِ جهنمكم” وانتم لا تدرونَ، ولا تُحسّونَ، ولا تُبالونَ، فهذا هو لبُ مرضكم: الانانيةُ.
فالترفُ لكم والبهدلةُ للشعبِ.
اغتنيتم منّا نحنُ الشعبُ.
واصبحتم من كبار ِالقومِ إن باعراسِ اولادكم بالخارج،نظراً لحجم قيمتكم النقدية.
إن بيوتكم وقصوركم هي اكبرُ دليلٍ على نمطِ حياتكم.
نعم اغتنيتمْ منّا، هذا اشادَ قصرَ فرساي وراتبهُ بالدولةِ كان لا يتجاوزُ الخمسةَ ملايين ليرة لبنانية.
وهذا استاذٌ باللغةِ العربية اصبح يملكُ قصراً ومساحاتٍ شاسعة في مسقطِ رأسهِ.
وذاك الذي يملكُ شركاتٍ متعددةً في بلدٍ قريبٍ على مرمى حجرٍ من لبنان.
مجلداتٌ تُكتبُ عن ذاك او هؤلاء ولا تنتهي.
***
وموتُ شعبٍ من المعاناةِ ولا يَرفُ لكم جفنٌ.
فعلاً اصابنا الله عزَ وجلَّ،بمرضى، والطامةُ الكبرى انهم لا يعترفونَ انهم بحاجةٍ الى اطباء يحجِرونهم، ليكفّوا شرّهمْ، إن نهبهم جفّف خزائنَ الدولة، الاّ إذا “عادت حليمة الى عادتها القديمة”، بقروضٍ مسهّلة، ولا محاسبةَ من صندوقِ الدعمِ الدولي وبعضِ الدول الصديقة.
لكن رويداً، هذا فقط مرتبطٌ بالاصلاحاتِ الجدّيةِ والملزمةِ، والاّ لن تشمّوا رائحةَ الفلسِ..