حيدر محمود يكتب قصّة عاملاتُ المنازِل.. أو لعلها الإتجار بالبشر!!

13 ديسمبر 2021
حيدر محمود يكتب قصّة عاملاتُ المنازِل.. أو لعلها الإتجار بالبشر!!

وطنا اليوم –  القصّة تبدو شخصيّة، ولكنّها في واقع الأمر عامّة لدى كُلِّ من يتعاملون مع الشَّرِكات المتخصصة بجلب ما يُسمّى «عاملات المنازل»، من الخارج..
وأَبدأ من أَوّل السّطر، لأروي لكم ما حَدَث:
اتّفقنا مع واحدة من تلك الشركات (لن أسميّها الآن.. واحتفظ بذلك إلى حين).. جاءوا لنا بواحدة لا تعرف إلاّ لغة بلدها.. بمعنى أنّها لا تعرف العربيّة، ولا الإنجليزية.. وبعد أَيّام قليلة.. لا تتعدّى الأسبوع، اكتشفنا أنّها تريد منا أن نقوم نحن بخدمتها، لا هي.. وصارت تفرض علينا شُروطاً تَعجيزيّة، فاضطررنا للاتصال بالشركة.. التي لا أحد فيها يجيبُ على هاتف، وأبواب مكاتبها مغلقة بشكلٍ دائم.. إلى أن «تكرّم» أَحدهم علينا بالردّ، وشرحنا له المسألة.. وبعد جهدٍ جهيد، طلب منا إعادتها إليهم.. وعلينا أن ننتظر البديل.. وطال الانتظار.. لكي نكتشف أنّهم باعوها (نعم تلك هي الكلمة تماماً) لأناسٍ آخرين.. قبضوا منهم ما كانوا قبضوا منا، وحتى أكثر قليلاً.. ثُمَّ (وأخيراً) جاءونا بواحدة ثانية.. بعد أن دفعنا نحن بدورنا ما يمكن أن يُسمّى (فرق المعاملات).. ولأننا بحاجةٍ ماسّة للعاملة، بِسبب الظروف الصّعبة القاهرة، التي تُعاني منها ربّة المنزل (أَعني الزوجة).. دفعنا ذلك الفرق وهو غير قليل.. ليتّضح من ثَمَّ أنّ «البديل» أو البديلة بالأَحرى، مريضة من عند أَهلها -كما يقال- وهي في حاجة إلى علاجٍ يوميّ، ومن طبيب إلى طبيب، ومن مستشفى إلى مستشفى.. ومن دواءٍ إلى دواء.. والشركة «مُطَنِّشةٌ»، تجيب إذا سألناها بكلِّ برودة أعصاب: إنّها مؤمّنةٌ طبيّاً.. وهات يا متابعة، وهات يا ملاحقة لدفع تلك التكاليف الباهظة والمتكرّرة، دون أيّ جواب… وصرنا نُفضّل لو أَنّنا سفّرناها على حسابنا إلى بلادها، لكان أرخص لنا، ولوفّرنا على أنفسنا العناءين معاً: عناء المبالغ التي ندفعُها، وعناء الخدمة التي نقوم بها نحن لهذه التي جاءت لخدمتِنا -وبخاصة في حالة الزّوجة التي شرحتُ لكم جانباً منها.. ولا حياةَ لمن تُنادي.. ولم يعد ثمّة جواب لا من مدير الشركة، ولا من أي موظفٍ فيها.. ولا أَعرفُ الجهة التي يمكن أن نتوجه إليها لشرح المعاناة.. ولا أعرف أَيضاً، ما ينبغي علينا فعلُه، إزاء ما يجري لي أنا شخصياً، وللآخرين من أمثالي، وأَنا مدركٌ تمام الإدراك، أنّ أمثالي كثيرون.. وكلُّهم يشكون همومَهم لي أنا ظَنّاً منهم أنّ لي بالمسؤولين علاقةً تُتيح الوصول إلى حُقوقٍ يبدو أنّها مسلوبة -مع الأسف- وهي أكثر من ذلك كُلِّه مسْتَفِزّة، ويمكن أن تُصيبَنا بسببها «الجَلْطات»، أو ربّما شيءٌ آخر أكبرُ بكثيرٍ من وباء «الكورونا»، ومتحوّراتها الآخذة بالتّزايد.. وكأنّ ذلك ما يَنْقصُنا!!
* هامش أَخير لا بدّ منه:
إذا كان المسؤول وزير العمل، فالاتصال بي أسهل له من الاتصال بتلك الشركات.. وإذا كان غيرُه.. فأفوّض الأمر إلى الله!