وطنا اليوم – تحت عنوان «مسيرة معلم متعلم»، صدر حديثا كتاب جديد للدكتور ذوقان عبيدات، والكتاب مذكرات تعكس مسيرة صاحبها الشخصية والدراسية، كما تعرض تطور تاريخ التربية والتعليم في الأردن.
ويبيّن المؤلف أن هدفه من هذا المذكرات هو تقديم عرض لما مرّ به من أحداث في بيئة عائلية وتربوية ووظيفية، مضيفا: «كانت سياستي أنني مع الطالب في حواره مع المعلم، ومع المعلم في حواره مع السلطة: مديرا، أو مشرفا، وهكذا..، ولم يحدث أن ندمت على وقوفي مع الطرف الأضعف في المعادلة».
وكان د. عبيدات تعرض في الكتاب لدور المرأة: إما زوجة أو بنتا، «فهي من تحفز النمو، والتطور، والتعبير. فالأم تتحمل مسؤولية نصف الطريق، والزوجة تقود حتى النهاية. وكنت محظوظا بأكثر السيدات جرأة وقوة. وقلت: لولا الأم لما تعلمت، ولولا الزوجة لما أكملت تعليمي وتأهيلي، وممارساتي ونجاحاتي، فقد حققت طفرات في تقدم الأسرة الاجتماعي، والثقافي، وحتى الاقتصادي».
الكتاب نفسه كان تضمن مقدمة بقلم لدولة الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة، حملت عنوان «من هو د. ذوقان عبيدات؟»، وفيها يقول: «كان ذوقان عبيدات طاقة عارمة تحاول بسرعة اختصار الزمن والقفز فوق ظروف الواقع… طاقة انفجارية أحيانا؛ ولذا كان يصعب على الكثيرين فهم حقيقته، كان قلبه تقيا يرغب في الإنجاز بالأمس لا في الغد. انقلابي التفكير، يدين كثيرا وبوضوح أي فكر تجميدي، فصدمته عقبات كثيرة من عدم تقدير دوره أو عدم فهم مواقفه، وهذه إحدى هموم العمل العام.
وفي هذه الخواطر تبرز شخصية ذوقان على حقيقتها بطرح آرائه في الأحداث والأشخاص بوضوح دون رتوش حتى ليخال القارئ أنه يتجنى والأمر ليس كذلك، وإنما في نفثات مفكر وعالم اعتورت مساره عقبات وصدمات، لم يجد التقدير الذي يتوقعه».
كما تضمن الكتاب تمهيدا بقلم دولة الدكتور عدنان بدران، وفيه يقول: «تميز «ذوقان» بنشاطه الدؤوب في المجموعة العربية، دافع بعقلانية عن قضايا الأمة وخاصة فيما يتعلق بالقدس والقضية الفلسطينية، فبرز في المجموعة محاورا بارعا، لجأ إلى «الكلمة» والنقاش الموضوعي، أقنع الآخرين بالحوار ممن اختلف معهم في الرأي، ولم يلجأ إلى العنف، وكان يقرأ جيدا وثائق اليونسكو ودراستها ويطلع على كل صغيرة وكبيرة، حفظ درسه جيدا، لذا كان حاضرا في مداولات المنظمة، فنال احترام المجموعة العربية بالدفاع عن حقوقها وقضاياها.
تميز «ذوقان» بانتمائه القومي وبالجرأة في مداخلاته في أروقة اليونسكو، وكان دائما عروبيا في مقالاته، كما تميز في الدفاع عن حقوقه في حياته المدنية لاسترجاع ما سُلب منه بغير حق، واضطرّ أحيانا للجوء إلى القضاء؛ ليكون الفيصل في الوصول للحقيقة تحت مظلة سيادة القانون.. أعتقد أن سيرته ستكون مفيدة لمن يطلع عليها، فقد حدد معالم تاريخ التعليم ومشكلاته وتطوراته، كما أضاء على هشاشة النظام الإداري في الأردن، وضيق المسؤولين بالنقد، لجأ إلى الكتابة، وكان من المؤثرين في تشكيل الرأي العام التربوي وما زال، وقد سجل هذه المسيرة بأسلوب سهل واضح وممتع يشد القارئ..».
ويسجل د. عبيدات في جزء من الكتاب بعنوان «دروس في العمل الحكومي» بعض الدروس التي تلقاها من خلال عمله الحكومي، ومنها:
«حين تكون في مستوى وظيفي بسيط، فلن تتلقى سهاما من أحد! فالسهام المؤذية تزداد تلقائيا بتدرجك الوظيفي إلى الأعلى».
«لا تظهر كل خصائصك وقوتك أمام رئيسك، فالمسؤولون في مستوياتهم كافة، لا يريدون شخصا قويا في مؤسساتهم، وقد يعدّ معظمهم أنك خطر عليهم، فيفضلون مساعدا ضعيفا». «لا تجعل حياتك روتينية، جدد بيئتك، أثاثك، سيارتك، مكتبك، ملابسك، مُشاوريك، أصدقاءك، أفكارك، ولا تحاول الاحتفاظ بأي شيء فترة طويلة، حتى الأفكار تتسخ وتتمزق، كالملابس القديمة!».
«اعرف متى تخوض معاركك مع خصومك، فالتوقيت مهم، بادر خصمك حين يكون في موقع ضعف، أو على خطأ، أو حين يعتدي عليك مباشرة. ابدأ معركتك حين تشعر أن خصمك استنفد كل قواه. طبعا الأفضل أن تتجنب المعارك، ولكن هذا مع الأسف ليس سهلا».
«خمس دقائق قد تغير مصيرك المهني؛ تمرّ لحظات أغنى من سنوات. المهم أن تعرف كيف تستغل اللحظة، وغالبا ما تقودك إلى طفرة أو قفزة نحو الأعلى، وقد مررت شخصيا بدقائق خمس حاسمة أكثر من مرة». وتحت عنوان «شخصيات مررتُ بها ومرّت بي»، جاء الجزء الأخير من الكتاب، وتحدث من خلاله عن كوكبة من الشخصيات الوطنية التي تركت في حياته أثرا، ومن تلك الشخصيات: ذوقان الهنداوي، خالد الساكت، محي الدين المصري، عبد السلام المجالي، علي محافظة وعنه يقول: «مؤرخ أكاديمي معروف، أعاقته مواقفه السياسية عن استلام مناصب حكومية عُليا. ترأس عدة جامعات واكتفى بذلك».
ويواصل د. عبيدات وقوفه عند الشخصيات الوطنية التي أثرت بتجربته على غرار الأستاذ محمد داودية، وعنه يقول: «دافع عني في مواقف عديدة، وفتح لي فرصا كثيرة وأثبت دعمه قولا وفعلا وكتابة، وفاجأني بكتابة مقالة عن جهدي، نشرها في جريدة العرب اليوم صيف عام 2015، كما حصلت على دعم غير مسبوق منه..».