وطنا اليوم:وقّع عشرات من الأكاديميين والمؤرخين المتخصصين في دراسة الفاشية والأنظمة السلطوية الموجودين في دول شتى، على عريضةٍ يُحذرون فيها من أن الديمقراطية باتت في وضع مضطرب، حيث تواجه أزمة عالمياً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومن ثمَّ فهم بخطابهم هذا يسعون إلى حث الناس على التنبّه وبذل الجهود لمواجهة ذلك.
حيث جاء في العريضة التي نُشرت يوم الأحد 1 نوفمبر/تشرين الأول 2020، أن “الديمقراطية باتت هشة إلى أبعد حد، حتى إنها عُرضة للانهيار في أي وقت، ومن ثم فهي تتطلب اليقظة والحماية. ولم يفت الأوان بعد لمواجهة العاصفة وتغيير مسار المد”.
80 شخصية عالمية: ورغم أن العريضة التي وقع عليها أكثر من 80 شخصية، منهم أكاديميون وأساتذة آخرون في جامعات مختلفة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، لم يتفق موقّعوها على وصف دونالد ترامب بأنه “فاشيّ”، فإنهم اجتمعوا على أن هشاشة الديمقراطية في جميع أنحاء العالم ستستمر في كونها قضية بارزة وتحدياً قائماً في وجه الجميع “بغض النظر عمن سيفوز بالرئاسة الأمريكية”، وفق تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية الأحد الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
أما فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي يحل موعدها يوم الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حيث يتنافس ترامب وجو بايدن في صناديق الاقتراع، فكتبوا: “سواء أكان دونالد ترامب فاشياً، أم كان شعبوياً من تيار ما بعد الفاشية (post-fascist populist)، أو كان مجرد انتهازي يهرف بما لا يعرف، فإن الخطر المحدق بالديمقراطية لم يحلَّ بها مع رئاسته، بل يتجاوز الأمر انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني بكثير”.
رغم ذلك، يحذر المؤرخون، خاصة في أعقاب أزمةٍ بحجم جائحة كورونا، من “أن إغراء اللجوء إلى شخصية تُبدي سمات القوة المتعجرفة أصبح أشد جذباً وخطراً الآن من أي وقت مضى”، ومن ثم فهم يرون أن الناس يجب أن يكونوا مستعدين للدفاع عن الديمقراطية ليس فقط في صناديق الاقتراع، وإنما “إذا لزم الأمر، الدفاع عنها أيضاً من خلال الاحتجاجات غير العنيفة في الشوارع”.
وقت شديد الخطورة: على هذا النحو، قالت الأكاديمية جينيفر إيفانز، أستاذة التاريخ الألماني في جامعة كارلتون الكندية وأحد المنظمين الرئيسيين لحملة التوقيع على العريضة، إن “هذا هو الدرس، ألا تكون منقاداً للواقع في لحظات كهذه. هذا وقت شديد الخطورة، ويقع على كواهلنا جميعاً مسؤولية دعم الديمقراطية والدفاع عنها”.
في حين يستند المؤرخون في بيانهم إلى أدلة وإشارات عديدة تُنذر بأن الديمقراطية في خطر، ومنها تفشي المعلومات المضللة وانعدام المساواة و”سياسات الاستعداء الداخلية” والعنف ذي الدوافع السياسية.
فما تحث العريضة على ضرورة الكشف عن أي وجميع الصلات المحتملة بين مَن هم في السلطة وبين المجموعات المسلحة غير الرسمية والميليشيات التي تستخدم العنف السياسي لزعزعة استقرار الديمقراطية على حد قول العريضة.
كما أشارت إيفانز إلى أنها منزعجة على نحو خاص من الأدلة التي ما تنفك تظهر على “تسلل اليمين المتطرف” إلى أجهزة الشرطة والمؤسسات العسكرية في جميع أنحاء العالم، ومن ذلك دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكندا.
كذلك يبرز من بين الموقعين على العريضة عددٌ كبير من الكُتّاب الذين تعالت أصواتهم بنقد السلطوية والفاشية خلال رئاسة ترامب، ومنهم روث بن غيات، المؤرخة والأستاذة في جامعة نيويورك، وجيسون ستانلي، أستاذ الفلسفة بجامعة ييل الأمريكية ومؤلف كتاب “كيف تعمل الفاشية؟”.