وطنا اليوم – سرع فايروس كورونا من تهاوي شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية نظرا للضربة القاصمة التي تلقتها الناقلة الحكومية بفعل تراجع الإقبال على السفر وتداعيات الأزمة الاقتصادية في البلد.
بلغت الخسائر الصافية للخطوط الجوية الملكية الأردنية نحو 107.2 مليون دينار (حوالي 151.4 مليون دولار) خلال تسعة أشهر في وقت تكافح فيه أصلا تحديات كبيرة عمقها تأثير كورونا الواسع على صناعة الطيران.
وفي ظل هذه الأزمة صادق مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية في جلسته التي عقدها الاثنين على النتائج المالية المراجعة للشركة لفترة الربع الثالث من العام 2020 والفترة المنتهية في 20 سبتمبر 2020 .
وأشارت الملكية الأردنية إلى التأثير السلبي الكبير الذي لحق بالشركة خلال العام 2020 في ضوء جائحة فايروس كورونا العالمية وما نتج عنها من قرارات تستهدف حماية المجتمع الأردني من الناحية الصحية وتمثلت بإغلاق مطار الملكة علياء الدولي منذ منتصف شهر مارس الماضي ووقف كافة رحلات الملكية الأردنية لنقل المسافرين حيث بلغ معدل انخفاض أعداد المسافرين 74 في المئة خلال العام 2020 هذا وقد نقلت الملكية الأردنية 665 ألف مسافر مقارنة بـ2.6 مليون مسافر لنفس الفترة من العام الماضي، مؤكدة بهذا الصدد على ضرورة الدعم الحكومي لمواجهة الأزمة المالية الخانقة وغير المسبوقة التي تمر بها والاستمرار في أداء دورها الاقتصادي والاجتماعي الرئيسي والهام وناقل وطني للمملكة الأردنية الهاشمية.
يذكر أن الملكية الأردنية تخدم في الوقت الحالي وجهات محدودة ومقتصرة ويعود ذلك لعزوف المسافرين عن السفر والقيود الحكومية التي تفرضها الدول على حركة السفر العالمية والتي من شأنها تأخير عمليات تعافي قطاع الطيران.
وتواجه الشركة أزمة منذ عامين حيث أجبرت الخسائر وارتفاع التكاليف التشغيلية الخطوط الملكية الأردنية على إعلان إفلاس وحدتها شركة الأجنحة الملكية، في خطوة يرى خبراء أنها تعكس حقيقة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد قبل الوباء. وأعلنت الخطوط الجوية الملكية الأردنية عقب ذلك عن وقف نشاط شركة الأجنحة الملكية التي تملكها.
وعللت الشركة بقولها “مجلس الإدارة ومجلس إدارة شركة الأجنحة الملكية قررا وقف العمليات التشغيلية لشركة الأجنحة الملكية بسبب ارتفاع تكاليفها التشغيلية وخسائرها المتتالية”.
وأحالت مهمة تسويق وبيع الرحلات العارضة التي كانت تقوم بها الأجنحة الملكية إلى الدائرة التجارية في الشركة الأم. وتسببت هذه الخطوة في اعتراض الموظفين في الشركة التي ستتم تصفيتها وسط محاولات بين الطرفين لحل المشكلة بالتراضي قبل نهاية الشهر الجاري.
وأعلنت دخولها في مفاوضات بينها وبين اثنتين من الجهات المهتمة بشراء الأجنحة الملكية، مشيرة إلى أن استكمال عملية البيع ربما يحتاج إلى بعض الوقت، لكنها لم تكشف أي تفاصيل عن الصفقة المحتملة. وكانت تقارير محلية ذكرت حينها أن سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لديها خطط لشراء الأجنحة الملكية.
وتمتلك الأجنحة الملكية طائرة من نوع إيرباص أي 320 والأخرى مستأجرة حيث قامت الخطوط الملكية الأردنية بنقل ملكية الطائرات لها، وفق ما يسمح لها القانون بحكم ملكيتها للشركة المفلسة.
وتعود مشكلة الأجنحة الملكية لفترة تولي هاني الملقي رئاسة الوزراء، التي بدأت في أواخر مايو 2016، حيث قرر نقل نشاط عمليات الشركة إلى العقبة ليتم فتح خطوط طيران جديدة تابعة لسلطة منطقة العقبة، لكنه لم يفلح في مسعاه بسبب رفض الموظفين تلك الخطوة.
ويؤكد موظفو الأجنحة الملكية أنه عندما تولى الألماني ستيفان بيشلر منصبه كرئيس تنفيذي للخطوط الملكية الأردنية قرر بشكل مفاجئ إغلاق الشركة والاستغناء عن الموظفين بالكامل.
وفي سياق الأزمة الاقتصادية التي تضرب جميع القطاعات فإن رهانات الإصلاح تصطدم بتحديات صعبة في طريق تحقيق أهدافها، لأن الخسائر الناجمة عن الوباء تتطلب سنوات من معالجتها، في بلد يعتمد بشكل مفرط على المساعدات الدولية، وليس لديه موارد مستدامة تساعده على مواجهة الأزمات.
151.4 مليون دولار قيمة خسائر الناقلة الحكومية خلال تسعة أشهر بفعل تأثير كورونا على الطيران
وانخفضت عائدات السياحة بنسبة 36.6 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، بما قيمته 784 مليون دينار (نحو 1.12 مليار دولار)، بحسب ما أظهر تقرير حديث للبنك المركزي الأردني. وتساهم السياحة بحوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويُوظَّف أكثر من 55 ألف عامل في هذا القطاع الحيوي للبلاد، التي لا تمتلك ثروة نفطية.
وتعاني البلاد، التي تستورد أكثر من 90 في المئة من حاجاتها الطاقية من الخارج، ظروفا اقتصادية صعبة وديونا، كما أنها تأثرت كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من العراق وسوريا ولاسيما أزمة اللاجئين.
ويؤكد خبراء أن حدة التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني منذ مطلع العام الماضي لم تتراجع حتى اليوم، وهو ما ينذر بالمزيد من المتاعب خلال الفترة المقبلة في بلد يعتمد على المساعدات الدولية بشكل كبير. وتلقي هذه الأوضاع الصعبة بظلال قاتمة على حياة المواطنين، الذين يبحثون بدورهم عن حل يوفر لهم كرامة العيش، فيما تحاصرهم ضغوط البطالة والضرائب وارتفاع الأسعار.