وطنا اليوم:كتب .. د . احمد محمود جبر الشريدة
باحث اكاديمي في علوم البيئة الطبيعية – الاردن
الانفجار المريع والمدوي الذي حدث في مرفأ مدينة بيروت اللبنانية عصر يوم الثلاثاء 2020/08/04 ، والذي احدث دمارا كبيرا في المرفأ والمناطق المحاذية للمرفأ والقسم الاكبر من مدينة بيروت الادارية ، كانت له تداعيات متعددة ومتنوعة على منطقة المشرق العربي ومناخه وطقسه وبيئته ، وتأثرت به بشكل مباشر او غير مباشر دائرة قطرها حوالي 220 كليو مترا ، وشملت الاراضي اللبنانية كافة والمنطقة الغربية و الجنوبية الغربية من سورية وشمال فلسطين وشمال الاردن حتى العاصمة الاردنية عمان تقريبا وجزيرة قبرص .
فمع نهاية شهر تشرين اول – وأكتوبر 2020م لم تتعرض منطقة المشرق العربي الى اية منخفضات جوية او حالات من عدم الاستقرار الجوي ، حيث لم يكن ” ايلول ذيله مبلول ” كما ورد في الامثال الشعبية المتداولة ، في حين ان امطار ايلول وتشرين اول وتشرين ثاني تسجل في العادة حوالي( 14%) من المعدل المطري السنوي العام ، على عكس موسم المطري 19/2018 م و موسم 20/2019م ، حيث بدا الموسمان في شهري ايلول وتشرين اول وجاء المعدل السنوي المطري اعلى فيهما من المعدل السنوي العام بحوالي (125% )وهي نسبة لم تسجل منذ عدة سنوات .
وامعانا في التطرف المناخي فقد جاء شهر” آب اللهاب ” معتدلا نسيبا ، ولكن ومنذ يوم 2020/08/28م اجتاحت منطقة المشرق العربي عدة موجات حرارية لاهبة ومتلاحقة قادمة من جهة البحر الاحمر و شبه الجزيرة العربية، استمرت الموجة الاولى حوالي اسبوعين متواصلين وسجلت ارقاما قياسية في مدينة العقبة
الاردنية يوم 2020/09/10م حيث بلغت درجة حرارة عظمى بواقع (44.6 ) درجة مئوية وهي أعلى درجة حرارة عظمى على وجه الكرة الأرضية في ذلك اليوم ، كما سجلت ارقاما قياسية في كل من ” ام رشراش ” الفلسطينية وصحراء النقب ووادي عربة والبحر الميت وغور الاردن، وسهل البقاع اللبناني ، ومدينة تدمر السورية ومنطقة الجزيرة وبادية الشام في الجمهورية العربية السورية ؛ الموجة الحارة الاستثنائية التي مر بها المشرق العربي بلغت مُستويات قياسية صيفية لم تشهد المنطقة من مثيلاتها حتى تاريخه ؛ اعقبتها عدة موجات حرارية اقل شدة وما زالت متواصلة حتى اليوم .
وتسببت تلك الموجات الحرارية الحارة والجافة بنشوب عشرات الحرائق في المناطق الحرجية وعلى نطاق واسع في عموم الاراضي السورية وبشكل خاصة في الساحل السوري ، وفي مناطق جبل لبنان وسهل البقاع والشمال والجنوب ، ومنطقة الجليل في فلسطين ، وفي مناطق عدة في محافظات اربد و جرش وعجلون في شمال الاردن نتيجة للرياح الشرقية والجافة المرافقة لارتفاع درجات الحرارة وتسببت بخسائر بالألف الهكتارات من الغابات والاراضي الزراعية بما فيها من اشجار مثمرة ومزروعات