مروان العمد.
منذ صباح اليوم فُجعنا بكارثة وفاجعة مستشفى السلط ، تلك الكارثة التي ليس كمثلها كارثة ، والفاجعة التي ليس كمثلها فاجعة . منذ الصباح وانا اتابع ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي عما حدث وانا لا اكاد اصدق ما ينشر وانتظر ظهور بيان لم يصدر يقول ان ما يجري الحديث عنه غير صحيح ، وان ما جرى ليس الا خلل فني بسيط لم يترتب عليه اي خسائر . ومع الوقت تلاشى هذا الامل وبقي الميدان مفتوحاً لتداول معلومات مصدرها المواطنين الذين هرعوا الى المستشفى لدى سماعهم باخبار الكارثة وقامت المحطات التلفزيونية والمواقع الاخبارية والمواطنين بتداولها ونشرها دون التأكد من صحتها في غياب المعلومة الرسمية التي توضح ما جرى وتضع حداً لهذا السيل العارم من المعلومات المتناقضة والتي لا تخلو من المبالغة باعداد من توفاهم الله في هذه الكارثة وفي تفاصيل حدوثها . والادهى من ذلك فقد اخذت تصدر تصريحات من مسؤولين حكوميين وصحيين تهون مما حدث وتنكر وقوع خسائر بالارواح . ومع مرور عدة ساعات على وقوع هذه الكارثة الفاجعة تبين انها اسفرت عن وفاة سبعة مرضى بفيروس كورونا ذهبوا للمستشفى على امل ان يجدوا فيها العلاج والشفاء واذا هم يلاقون الموت نتيجة اهمال كارثي . كيف يمكن تصور ان ينفذ مخزون مستشفى بهذا الحجم من الاكسجين ؟ وكيف يمكن ان يحصل ذلك ونحن نواجه وباءاً يفتك بنا وسلاحه مهاجمة جهازنا التنفسي و رئتنا ؟ كيف يمكن ان يحصل ذلك ويوجد في المستشفي حوالي المائة والثمانين مريضاً بهذا الوباء معرضين في كل لحظة لأن يحتاجوا لاستعمال الاكسجين ناهيك عن اقسام المستشفى الاخرى ومنها قسم الخداج ؟ . لو كان السبب حدوث عطل مفاجئ في اجهزة التنفس لكان هناك سبباً للحادثة وان كان غير مبرر ولا يعفي المسؤولين من المسؤولية ولكن ان يكون السبب نفاذ كمية الاكسجين فهذا خارج عن نطاق المعقول والمقبول .
الذين توفاهم الله كانوا في حالة مرضية متقدمة من الاصابة بفيروس كورونا و موصولين على اجهزة التنفس الصناعي وكان متوقعاً وفاة بعضهم او جميعهم ، ولكن ان تكون وفاتهم لانقطاع الاكسجين عنهم نتيجة نفاذ المخزون منه في المستشفى فهذه جريمة كاملة لا يكفي عقوبة عليها استقالة هنا اوهناك . قد تكون استقالة معالي وزير الصحة اثناء وجوده في المستشفى أجراء اولياً لا بد منه لتهدئة النفوس ، لكنه يجب ان يكون بداية الطريق ويجب ان تشمل المحاسبة جميع المسؤولين عما حصل من داخل المستشفى ومن خارجها على مختلف مواقعهم الوظيفية . ويجب ان توجه لهم تهماً جنائية بالتسبب بالوفاة نتيجة الاهمال مكررة سبع مرات وان تجمع العقوبات عليهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر .
لقد خان المقصرين والمتسببين بهذه الكارثة ثقة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بهم والذي تردد انه هو من امر وزير الصحة بتقديم استقالته وهو الذي امر مدير المستشفى بتقديم استقالته عندما ذهب ومعه ولي عهده الى المستشفى بملابسه العسكرية وما يرمز هذا الامر اليه ، ووقف وسط حشود المواطنين المجتمعين والمكلومين والغاضبين يواسيهم على فقدان احبائهم ووعد بمحاسبة المقصرين وعلامات الغضب الشديد بادية على ملامح وجهه وحركات يديه ونبرات صوته وهو يتحدث مع مدير المستشفى الامر الذي جعل المواطنين المكلومين يهتفون بحياته وهم كلهم ثقة انه لن يسمح بأن يضيع حقهم وحقوق اقربائهم الذين تسببت هذه الكارثة بفقدانهم لحياتهم .
ونحن واذ نرثي شهداء هذه الكارثة و نزفهم الى رحمة الله تعالى ونسأله لهم الجنة والغفران ، ونسأل الله لذويهم الصبر والسلوان ، لادعوا الجميع الى تهدئة النفوس والخواطر وتحكيم العقل في ظل هذه الظروف وان نغلق منافذ الاثارة والشر والتي اخذت تطل برأسها من خلال ما يتم نشره على بعض وسائل التواصل الاجتماع من اشخاص لا يريدون الخير لنا ويسعون لإثارة المواطنين من خلال تصعيد مطالبهم بالمحاسبة لتصفية حسابات سياسية او شخصية مع الحكومة ولندع الامر في عهدة القضاء ولامر جلالة الملك حفظه الله وحفظ الاردن وشعب الاردن .
مروان العمد