زكي بني ارشيد
فشلت نظرية نهاية التاريخ، التي بشّرت باعتلاء الولايات المتحدة الأمريكية عرش العالم، بتفرد واستعلاء، وعندما حرصت
أميركا على أن تسوق العالم مثل القطيع ( القيادة من الخلف)، اكتشفت انها تعاني من عزلة الأصدقاء وكراهية الأعداء، وانها ليست المدينة التي فوق التل كما أرادها المؤسسون الأوائل، ما اضطرها لخوض جولة جديدة لكسب العقول والقلوب، ثم بدأت تعاني من داخلها في مواجهة تحديات الفرز العنصري والانقسام العميق والاستقطاب الذي يمهد لإرهاب داخلي وتراجع اقتصادي وبروز قوى دولية منافسة.
تجلت مؤشرات البحث عن المستقبل الآمن الذي لم يعد يحتمل المزيد من التوترات التي تؤثر على الأمن والاستقرار الدولي
في الانتقال من الصراعات والمصادمات إلى المصالحات التي بدأ بعضها بالمصالحة الخليجية، إلى المصالحة الليبية ثم المصالحة الفلسطينية والأفغانية
والدعوة لحوار مع إيران على قاعدة اتفاق 5 + 1.
والتمهيد لتسوية الصراع العربي
” الإسرائيلي ” بعد فشل صفقة القرن…
ما يعني أن الانزياح والنزوع نحو اليمين والتطرف بدأت بالتراجع، وأن قطار التسويات بدأ بالاقلاع، ويعني أيضا جهدا دوليا لحل النزاعات في سوريا واليمن والعراق.
المشهد السياسي الدولي كشف عن لاعبين جدد فرضوا أنفسهم بجدارة الإنجاز التقني والنهوض الحضاري واقتحام فضاء الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الصناعي، والاستثمار في المستقبل.
العالم القادم لن يكون مثالياً، وسيظل يقدم المصالح على المبادئ، لكن الاكتشاف الجديد ان المصالح مهددة ما لم تتحصن بالمبادئ، هذا هو الجديد الذي يبعث على الأمل، والضوء الذي ينتظر الناس نهاية النفق.
عضوية النادي العالمي الجديد لها مواصفات واستحقاقات، ومن لم يكن مؤهلا فلا مكان له في المستقبل ولا عزاء، وستجد الدول المستبدة الفاسدة والعاجزة والفاشلة خارج الزمن وعلى الرصيف.
تعاقب الليل والنهار يطوي الحياة ومن كان حريصا على مستقبل آمن وحياة كريمة فليبدأ بالتخلي عن مسارات الإخفاق والفشل، ويبدأ بالعمل.
لعبة إشغال الرأي العام، وتضليل الداخل والخارج انتهت، لأنها بضاعة منتهية الصلاحية ولا يشتريها أحد.
الدول الفاشلة أصبحت عبئا ثقيلا على المجتمع الدولي، والنظام العالمي الجديد لا يقبل بعضويته أنظمة الفساد والاستبداد. والدول العربية خارج التغطية.
الخلاصة أن نأتي راغبين ومبادرين خير من أن نُجلب رغماً عنا ونحن كارهون.