بقلم الدكتوره هند جمال الضمور
رئيسة قسم الشؤون النسائية الكرك
في طريق الحياة، لا يسلم أحد من الابتلاء؛ فالدنيا ليست دار نعيم، بل دار عبور واختبار.
ولكن ما يغيب عن الكثير أنّ الابتلاء ليس علامة غضب، بل قد يكون علامة محبة واصطفاء؛ قال تعالى:
﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾.
إن الله إذا أراد بعبد خيرًا، صقل قلبه بالمِحن، وربّاه بالمواقف، ونقّاه من التعلّق بغيره.
فالشدائد ليست لإهلاكك، بل لتهذيبك، ولا لكسر روحك، بل لرفع درجتك، ولا لتعقيد طريقك، بل لفتح بابٍ لم تكن تراه.
الإيمان الحقيقي يظهر عند الضيق
ليس الإيمان كلمةً تُقال، ولا دعاءً يُردَّد فقط؛
الإيمان الحقيقي يظهر عندما تضيق النفس ولا تجد إلا الله، وعندما تتكسّر الأسباب بين يديك فلا يبقى إلا دعاؤك وثقتك بأن الفرج قريب.
حين تقول بقلب ثابت:
“حسبي الله… وهو يعلم حاجتي”
عندها فقط تُفتح لك الأبواب، وتُيسّر لك الطرق، ويأتيك الفرج من حيث لم تُفكّر.
ارفع رأسك… فربّك أعدل مما تتصور
قد تُظلَم…
قد يُساء إليك…
قد تُطفئ الحياة فرحتك، ويأخذ القدر أعزّ ما لديك؛
لكن تذكّر: ربّك أعدل من البشر، وأرحم من قلب أمّك، وأقرب إليك من نفسك.
وما دام الله معك، فلن ينفعك كيدُ أحد، ولن يضرّك ظلم أحد، ولن يمنع رزقك بشر.
لا تستعجل الفرج… فإن لكل شيء موعدًا
القلوب تتعب حين تستعجل ما أجّله الله لحكمة.
فلا تجعل تأخير الفرج سببًا لليأس، ولا تجعل قسوة الأيام تُبعدك عن باب ربك.
كم من ضيقٍ ظننته هلاكًا، فإذا به يصبح سببًا لفتح كبير!
وكم من ابتلاء بَكيتَ منه، فإذا به يمحو ذنبًا، ويرفع قدرًا، ويضع في قلبك نورًا ما كنت لتحصل عليه لولا الألم.
ثق بالله… وأحسن الظن به
الله لا يُجري في حياتك شيئًا بلا حكمة.
قد تحزن اليوم لتفرح غدًا، وقد تبكي اليوم لتُكرم بعد حين.
فاجعل قلبك متعلّقًا بربّ يقول:
﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
ويقول:
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾
ويقول:
﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا﴾.
نعم..
أن كل ابتلاء يحمل رسالة، وكل ضيق يحمل خيرًا مخفيًا، وكل دمعة يراها الله تُكبَر بها عنده منزلة.
فتمسّك بإيمانك، واصبر، وتوكّل على ربك؛
فما خاب من جعل الله ملجأه، ولا ضاع من رفع حاجته إلى السماء.






