د. قاسم العمرو
أثار تصريح رئيس مجلس النواب مازن القاضي، الذي قال فيه إن “على الشعب أن لا يكون عبئًا على الدولة”، موجة استغراب واسعة وغضب عارم على منصات التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر الأردنيون أن هذا التوصيف يحمل استخفافًا بتضحياتهم وصبرهم الطويل، وكأن المواطن هو سبب الأزمات التي تتخبط بها البلاد منذ عقود.
يا باشا، الشعب الأردني لم يكن يومًا عبئًا على الدولة، بل هو الذي حمل الدولة على كتفيه حين عجزت الحكومات، وصبر على سياسات اقتصادية قاسية، وواجه الغلاء والبطالة وضيق الحال دون أن يفقد إيمانه بوطنه ولا ولاءه لقيادته.
فهل جزاؤه أن يُقال عنه اليوم إنه عبء؟!
المديونية لم يصنعها الشعب، بل هي نتيجة إدارات متعاقبة لم تُحسن التخطيط ولا الإدارة، وحكوماتٍ تعاملت مع الأزمات بالترحيل لا بالحلول. فهل الموظف البسيط، أو المتقاعد، أو المعلم، أو العسكري، هو من راكم الديون؟
وهل من العدل أن نحمّل المواطن وزر السياسات الخاطئة التي ورثناها جيلاً بعد جيل؟
من يريد أن “يركب الموجة” لا يبدأ بالإساءة إلى الشعب، بل يبدأ باستعادة الثقة بين المواطن والدولة، بإصلاح حقيقي، وبكلمة طيبة تواسي لا تجرح.
فالشعب الأردني، رغم كل ما عاناه، ظلّ منتميًا، صادق الانتماء، صابرًا على وجعه، مؤمنًا بأن الوطن لا يُختزل في أشخاص ولا مواقع، بل في كرامة الإنسان الأردني التي هي أساس الدولة.
لقد تحدّث جلالة الملك أكثر من مرة عن فخره بالشعب الأردني وصموده، وعن ثقته بأبنائه وبقدرتهم على تجاوز الصعاب، فهل نأتي اليوم لنقلب الصورة، ونضع الشعب في خانة “العبء”؟
العدالة يا باشا تبدأ بالكلمة، والمسؤول الحقيقي هو من يختار كلماته بعناية، لأن الكلمة يمكن أن تبني ثقة أو تهدمها.
إنّ الشعب الأردني ليس عبئًا على أحد، بل هو الركيزة التي قامت عليها الدولة، وهو السند الذي حمى الوطن في وجه التحديات، وهو الخط الأحمر الذي يجب أن يُصان قولًا وفعلًا.
ومن أراد أن يخدم الوطن، فعليه أن يبدأ باحترام شعبه أولًا…






