ناشط ليبي: ثورة 17 فبراير صمدت أمام هجمات عاتية

18 فبراير 2021
ناشط ليبي: ثورة 17 فبراير صمدت أمام هجمات عاتية

وطنا اليوم – تناول الناشط السياسي الليبي، علي جبريل، في مقابلة مع “عربي21″، ذكرى الثورة الليبية التي أطاحت بحكم العقيد معمر القذافي، وإلى أين ذهبت الأمور سياسيا وعسكريا من بعدها.

وقال إن “الثورة الليبية صمدت أمام هجمات عاتية اشتركت فيها تخطيطا وتمويلا وتنفيذا دول إقليمية، ودول تملك حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي، إلا أن هذه الموجة العاتية نجحت الثورة في كسرها”.

وشدد على أن “معسكري الثورة والثورة المضادة لا يمكنهما أن يتعايشا معا للاختلاف الجذري في مشروعهما وأهدافهما”.

وأضاف، في مقابلة مع “عربي21”: “في مثل هذه الأيام قبل 10 سنوات أطاح الليبيون بواحد من أكثر حكام المنطقة استبدادا وجنونا، في ثورة شعبية حقيقية بعد أربعة عقود من الترويع والتجهيل والتجويع”.

“تركة القذافي الثقيلة”

وأشار جبريل إلى أن “ثورة 17 شباط/ فبراير بعد انتصارها واجهت تحديات داخلية وخارجية، أهمها تركة القذافي الثقيلة، وأهمها تدميره للدولة كواقع ومفهوم ومؤسسات، حيث اختزل الديكتاتور القذافي الدولة في شخصه فقط، ولذلك فإنه حينما سقط سقطت معه الدولة، بخلاف ما جرى في مصر وتونس على سبيل المثال، إذ سقطت فيهما السلطة، لكن الدولة ظلت قائمة”.

وشدّد على أن “ليبيا تعرضت خارجيا لهجوم من جماعات من خارج البلاد أهمها تنظيم داعش، وكذلك لهجوم كاسح للثورة المضادة، وصل إلى حد الغزو المسلح على العاصمة طرابلس لمحاولة وأد الثورة التي وقفت –حتى الآن- صامدة متحدية متطلعة لغد أفضل، رغم جراحها وآلامها”.

وحول رفض قول البعض بأن الثورة الليبية فشلت في بناء دولة ديمقراطية حديثة ومزدهرة، قال: “مَن لديه وصفة لتحويل مجتمع ودولة من ديكتاتورية غاشمة إلى ديمقراطية فاعلة، ومن هشيم دولة إلى صرح اقتصادي وسياسي مزدهر في 500 أسبوع، فليته يعطينا كتاب الإرشاد هذا لنتعلم منه”.

“عقد اجتماعي جديد”

واستطرد الناشط الليبي قائلا: “ما زلنا في مرحلة انتقالية. نأمل في أن تنتهي في أسرع وقت يوضع فيه دستور للبلاد، كعقد اجتماعي جديد، والأهم ترسيخ فكرة الدستور في العقول والنفوس؛ فهذه هي الضمانة المأمولة”.

ولفت جبريل، المُقيم حاليا بالولايات المتحدة، إلى أن “التغير في الإدارة الأمريكية سيكون إيجابيا تجاه الوضع السياسي في ليبيا، لأنه سيكون على الأقل أقل سلبية من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب”.

وكانت السفارة الأمريكية في ليبيا قد أكدت، في بيان لها، الأربعاء الماضي، أنها “ستواصل دعم العملية السياسية التي تقود ليبيا نحو المصالحة والانتخابات المقبلة، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الليبي، بما في ذلك انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة”.

وأوضح جبريل أن “الرغبة الحقيقية للأطراف الإقليمية والدولية في إنهاء الأزمة في ليبيا لا يمكن معرفتها؛ فالدول تحركها مصالحها ورؤية نخبها السياسية والعسكرية والاقتصادية، ويحد من تأثيرها توازن القوى بين هذه الدول، والأهم صلابة قوى المجتمع والدولة في ليبيا”.

“فداحة استمرار الفوضى”

ورأى أن “أهمية ليبيا تكمن في موقعها بالدرجة الأولى؛ فهي بطبيعتها جسر، ربط عبر التاريخ حضارات البحر الأبيض المتوسط وأوروبا بأفريقيا، وهي بوابة أفريقيا الرحبة المفتوحة على الشمال، وعبرها تواصلت دول وحضارات وادي النيل والمشرق في شمال أفريقيا إلى الأطلسي، وكانت دائما معبرا للتجارة والثقافة والديانات والأفكار من الشرق إلى الغرب والعكس.

 

وأضاف: “لذا فإن أي اضطراب أو تعطل في وظيفة هذا الجسر (ليبيا) سوف ينعكس سلبا على كامل محيطها بقدر ما ينعكس سلبا على سكانها”.

وتابع: “من هنا، فإن على القوى والأطراف الخارجية التي تريد استمرار الفوضى في ليبيا أن تقدر فداحة ممارساتها، وأنها من حيث لا تحتسب سينقلب ذلك سلبا على مصالحها. وعليها أن تدرك أن محاولة فرض نظام ديكتاتوري من جديد بحجة تأمين الاستقرار لن تحقق أهدافهم، لأن الأجيال الشابة والقادمة لن ترضى بذلك؛ فقد حدثت ثورة في الفكر والرؤى عند هذه الأجيال، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء”.

وزاد بقوله: “منذ عام 2013 إلى يومنا هذا أهدرت الأنظمة العربية التي قادت الثورة المضادة لثورات الشباب في الوطن العربي أكثر من تريليون دولار لوأد ثورات الربيع العربي، بحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية. والسؤال الذي أسأله لنفسي كثيرا: ماذا لو أُنفق عشر هذه الأموال على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للرقي بملايين الشباب في بعض دول الثورات؟”.

وقال: “أظن أن الوضع سيكون مختلفا عما نشاهده الآن. بينما المحزن أن هذا التدخل العبثي المدمر ستظهر وستستمر نتائجه الكارثية على امتداد 10سنوات أو 20 سنة قادمة، إن لم يكن أكثر”.

 

عربي 21