أخص يا مراجل… وراها قولة “دخيلك”!

28 ثانية ago
أخص يا مراجل… وراها قولة “دخيلك”!

بقلم: المحامي حسين أحمد عطا الله الضمور

في عالم الموروث الشعبي، لا تخرج الأمثال عبثًا من أفواه الناس، ولا تُقال مصادفة، بل تأتي ثمرة تجربة طويلة، ومرآة لواقع يُرى ولا يُقال.

ومن بين تلك العبارات المتداولة، تخرج جملة لاذعة بصوت امرأة مقهورة أو رجل مكظوم:

“أخص يا مراجل… وراها قولة دخيلك!”

 

تُقال هذه العبارة حين يسقط من كنا نحسبه “مرجلاً في المواقف” فإذا به يُظهر العجز، ويطلب النجدة، ويُناشد بالعجز من كان يظنه الناس قويًا لا يُهزم.

 

المثل ليس سُخرية من طلب النجدة، ولا انتقاصًا من الإنسانية في الاستغاثة، بل هو صرخة ساخطة في وجه أولئك الذين بنوا لأنفسهم هالةً من القوة الزائفة، وتفاخروا بالشجاعة، وتبجّحوا بالصلابة، ثم انهاروا عند أول موقف حقيقي، وقالوا: “دخيلك!”

 

هو مثل يُقال عندما تتعرّى الرجولة من مضمونها، لا من مظاهرها؛ عندما تُلبَس البطولة زيفًا، ثم تُفضَح في وقت الحاجة.

 

هو مثلٌ شعبي لكنه صادق، يُطلقه الناس لا شماتة، بل وجعًا، حين تُخيبهم الصورة التي صدّقوها، ويتبين أن من نادوه “مراجل”… لم يكن سوى هيكل صوتي أجوف.

 

في هذا المثل دعوة غير مباشرة لإعادة تعريف مفاهيم الرجولة والقوة والشهامة. فـ”المرجلة” لا تُقاس بالصوت العالي، ولا بالحضور الطاغي في المجالس، بل تُقاس عند المواقف.

من كان رجلًا بحق، لا يحتاج أن يُثبت شيئًا، فمواقفه تتكفّل بذلك.

 

إن عبارة “أخص يا مراجل… وراها قولة دخيلك!” تُعبّر عن خيبة مجتمع، وربما خيبة بيت، وربما خيبة أنثى وضعت ثقتها في من ظنّته سندًا، فإذا به أول من يسقط حين تشتد العاصفة.

 

وكم من المواقف اليوم تستدعي هذا المثل، حين تُصادف من يدّعي الفروسية، فإذا بك تجده أول من يُفرّط، وأول من يُساوم، وأول من يتنصّل، وأول من يهرب حين يعلو غبار الميدان.

 

ختامًا…

لا نلوم من يقول “دخيلك” حين يشتد به الضيق، فهذا من تمام الإنسانية.

لكننا نلوم من زيّف صورته، ولبس “المرجلة” قناعًا، ثم كشف الزمن وجهه الحقيقي… فاستحق أن يُقال له:

“أخص يا مراجل!”