وطنا اليوم:في حراك وطني شامل يهدف إلى استئصال واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية، تتوسع في مختلف محافظات المملكة مبادرات توقيع “وثائق شرف” مجتمعية، تقودها مديرية الأمن العام عبر أذرعها الشرطية والمجتمعية، للتصدي بحزم لظاهرة إطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات، وتحويل التجمعات السعيدة إلى مساحات آمنة وخالية من الخطر.
تكاتف رسمي وشعبي
من العقبة جنوباً، مروراً بالعاصمة عمان، ووصولاً إلى محافظات إقليم الشمال، تتجسد الشراكة بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المحلي في أبهى صورها. حيث شهدت الأيام القليلة الماضية زخماً في عقد الاجتماعات وتوقيع المواثيق التي تُلزم الموقعين عليها بنبذ هذه العادة القاتلة ومحاربتها بفعالية.
ففي مدينة العقبة، أطلق أعضاء المجالس المحلية وثيقة شرف بحضور مدير شرطة المحافظة العميد أيمن الصرايرة، ونائب المحافظ جبريل أبو شريتح، ورؤساء المراكز الأمنية.
ولم تكتفِ الوثيقة بالدعوة إلى الالتزام بمبادرة “أفراح آمنة” التي أطلقتها مديرية الأمن العام، بل تضمنت بنوداً عملية واضحة تدعو المواطنين إلى مقاطعة المناسبات التي تشهد إطلاقاً للنار، وإبلاغ الجهات الأمنية فوراً عن المخالفين، والتواصل المسبق مع أصحاب الأفراح لضمان التزامهم.
وفي قلب العاصمة، لم يكن المشهد مختلفاً. إذ شهدت مناطق متعددة مثل الشميساني والساحة الهاشمية توقيع أعضاء المجالس المحلية وأبناء المجتمع المحلي على وثائق مماثلة، بحضور مدير شرطة وسط عمان العميد الدكتور جمال الجازي، وبمشاركة لافتة من مدير التربية والتعليم، في دلالة على أهمية غرس هذه القيم في نفوس الأجيال الناشئة.
أما في إقليم الشمال، فقد كثّفت الشرطة المجتمعية جهودها بعقد اجتماعات موسعة في مراكز أمن المزار الشمالي وسوف وشمال جرش وسهل حوران، بحضور الحكام الإداريين، تم خلالها توقيع وثائق شرف امتدت لتشمل مدراء وموظفي الدوائر الحكومية، تأكيداً على أن مكافحة هذه الظاهرة هي مسؤولية وطنية شاملة.
التوعية سلاح موازٍ لإنفاذ القانون
لم تقتصر هذه الجهود الوطنية على التعهدات والمواثيق فحسب، بل رافقتها حملات توعية مكثفة استهدفت الشباب والطلبة. ففي العقبة، قدم فريق المسرح الشرطي عرضاً حياً سلّط الضوء على مخاطر آفة المخدرات، كجزء من فعالية استهدفت طلبة نوادي تحفيظ القرآن الصيفية.
وامتد هذا النهج التوعوي إلى الشمال، حيث عقدت الشرطة المجتمعية محاضرات متخصصة في مجالات أمنية متنوعة لطلبة المراكز الصيفية في المساجد والمدارس، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية، بهدف بناء جيل يدرك خطورة هذه الآفات المجتمعية ويعمل على نبذها.
وتعكس هذه التحركات المتزامنة في كافة أنحاء المملكة استراتيجية أمنية ومجتمعية متكاملة، لا تكتفي بإنفاذ القانون بحق المخالفين، بل تعمل بشكل استباقي على تحصين المجتمع من خلال التوعية والشراكة، لترسيخ قناعة راسخة بأن الفرح الحقيقي يكمن في الأمان، لا في أزيز الرصاص.