الدكتور محمد الهواوشة يكتب: تخبط في وزارة الإدارة المحلية: قرارات تهدم لا تُصلح

33 ثانية ago
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: تخبط في وزارة الإدارة المحلية: قرارات تهدم لا تُصلح

بقلم الدكتور محمد الهواوشة :
في الوقت الذي تنتظر فيه المجالس البلدية والمحافظات تعزيزا لدورها التنموي الحقيقي، فاجأنا وزير الإدارة المحلية وليد المصري بقرارات صادمة في مضمونها، مثيرة في توقيتها، وغير مقنعة في منطقها.

حل المجالس البلدية، تحت ذرائع متعددة — تارةً بسبب “سوء الإدارة” وتارةً “لخدمة القواعد الانتخابية”، وأخيرا لغياب السيولة المالية وعدم قدرة البلديات على القيام بمهامها الأساسية — لا يُعدّ إصلاحا مؤسسيا بل عقوبة جماعية تضرب التمثيل الشعبي في صميمه.
صحيح أن بعض الرؤساء استغلوا مواقعهم، لكن هل يُعالج الخطأ بخطأ أكبر؟ وهل تُحلّ المؤسسات بسبب أفراد؟ وإذا كان الإفلاس المالي مبررا للحل، فلماذا لم يتم تحميل المسؤولية للجهات المقصّرة في إدارة الموارد؟ وهل فشل الوزارة في دعم البلديات يُبرّر حلّها؟

الأخطر من ذلك، كان تمرير تعديلات تمس جوهر التمثيل الشعبي، كخفض سن الترشح من 25 إلى 22 عامًا. هذه الخطوة، وإن بدت داعمة للشباب على السطح، إلا أنها في الواقع تحمل مخاطر كبيرة؛ فالمجالس البلدية تحتاج إلى حكمة وخبرة ميدانية، لا إلى قرارات شعبوية تستهدف دغدغة مشاعر الشباب دون أن توفر لهم تأهيلاً حقيقيا مسبقا.

أما التوصية بجعل نائب رئيس المجلس البلدي أو مجلس المحافظة امرأة إذا كان الرئيس رجلاً، فهي لا تُعدُّ تمكينا حقيقيا للمرأة، بل تمييزا معكوسا يضر بقيم الكفاءة والعدالة. هل نُكافئ المرأة بمنصب لمجرد كونها امرأة؟ أم نُكافئ الكفاءة والقدرة بغض النظر عن الجنس؟! التمكين الحقيقي لا يكون بفرض وجود شكلي بل ببناء بيئة تتيح للنساء التنافس بحرية على رئاسة المجلس ذاته، وليس الاكتفاء بالموقع الثاني.

وزير الإدارة المحلية مطالب اليوم بأن يعيد النظر في هذا المسار المتعثر. الإصلاح لا يُبنى على تعميم الفشل، ولا على تسويق قرارات غير مدروسة تحت عناوين رنانة. الوطن بحاجة إلى مؤسسات قوية، منتخبة، قائمة على النزاهة، وليس إلى مجالس تُحلّ بقرار وزاري دون أي مسار قانوني واضح، وبلا مساءلة حقيقية للمتسببين بالتقصير.

*نقولها بوضوح: ما يجري في ملف الإدارة المحلية هو تخبط إداري وسياسي، يعمّق فجوة الثقة بين المواطن والدولة، ويهدد المسار الديمقراطي الذي يفترض أنه في طور التعافي.*

*الخلاصة*
أؤمن بأن الإصلاح لا يُبنى على الحلول السريعة ولا على تعميم الفشل، بل على ترسيخ الشفافية، وتوسيع المشاركة، وتوزيع الصلاحيات بعدالة. إن خفض سن الترشح، وفرض مناصب رمزية باسم تمكين المرأة، وحل البلديات لأسباب مالية، كلها مؤشرات على إدارة سطحية لملف عميق، يتطلب حوارا وطنيا حقيقيا وإصلاحا مؤسسيا يستند إلى الكفاءة والمساءلة لا إلى القرارات الفوقية.