بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
جاءت فكرة مجالس المحافظات ” اللامركزية” بناءً على رؤية ملكية من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني ، وذلك بهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ، عبر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار ، من خلال نقل السلطة المركزية في تحديد أولويات المواطنين من الخدمات الأساسية من عمان إلى المحافظات ، وترك المواطنين وشأنهم في اختيار وتحديد أولويات خدماتهم التي يحتاجونها من قبلهم مباشرة ، بواسطة اختيار ممثليهم في مجالس المحافظات من خلال الانتخابات ، وتم ربط مجالس اللامركزية في بداية الأمر إلى مع وزير الداخلية ، وتم تفعيل المجالس التنفيذية برئاسة المحافظ ، بحيث تتكامل الأدوار بين المجلسين اللامركزية والتنفيذية في رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ، كل كل منطقة حسب أولوية حاجاتها الأساسية ، سواء خدمات تعليمية من مدارس ، أو صحية من مراكز صحية ومستشفيات أو أجهزة طبية ، أو طرق وإنارة شوارع، أو فتح طرق أو تعبيدها وغيرها من الخدمات وهكذا دواليك ، وتتم هذه العملية من خلال عقد لقاءات بين مجالس المحافظات والقواعد الشعبية في كل منطقة وتعبئة دليل الاحتياجات وتفريغها من قبل الوحدة التنموية في كل محافظات ، والبدء بتنفيذ الأولويات الخدمية وفق الموازنة السنوية المتاحة والمخصصة لكل محافظة ، وبعد الدورة الأولى لمجالس اللامركزية تم تعديل القانون وتم ربط المجالس مع وزير الإدارة المحلية ، وإعادة تسميتها بمجالس المحافظات ، وقد واجهت هذه المجالس في بداية الأمر بعد التحديات والعقبات والصعوبات مثل إيجاد مقرات إدارية لهذه المجالس ، والبطء في طرح عطاءات المشاريع بسبب ازدحام المشاريع المقدمة لدائرة العطاءات العامة من كافة مجالس محافظات المملكة مع بعض، عدا عن بعض إجراءات البيروقراطية الإدارية ، وعدم نقل الموازنات المتبقية المرصودة من عام للعام الآخر من خلال وضعها في صندوق الأمانات، لاستكمال المشاريع التي طرحت عطائها من نفس موازنة العام السابق ، ورغم ذلك كله إلا أن هذه المجالس حققت إنجازات جيدة ولا بأس بها قياسا بعمر هذه المجالس ، والتحديات التي اعترضتها، وكان لها نتائج ميدانية ملموسة ولها أثر واضح على حسن تقدم نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين ، ولذلك فإن هذه المجالس بحكم خبرتي وتجربتي في التعامل معها ، وإدارتها لفترة من الزمن هي ضرورية جدا ، ويجب الاستمرار بها، لكن مع إجراء بعض التعديلات على قانونها، وتخفيض عدد أعضائها ، وتذليل العقبات والتحديات والصعوبات التي ما زالت تعترض عملها وتحقيق الإنجازات بالسرعة الممكنة ، من إجراءات إدارية بيروقراطية ، واعطائها المزيد من القرارات اللامركزية التي تدعم عملها، وليس إلغاؤها كا يشاع عن هذا التوجه للحكومة ، فاللامركزية لم تفشل وإنما أفشلت ، أو كان هناك توجه لإفشالها ، من البعض، وهنا أود التذكير لمن يطالبون بإعطاء صلاحيات مجالس المحافظات إلى البلديات ، بأن هناك فرق بين مبدأ عمل البلديات وصلاحياتها ، وبين صلاحيات مجالس المحافظات ، لأن البلديات عملها محدود بالخدمات داخل حدود البلدية، فلا يمكن لبلدية بناء مدرسة ، أو مركز صحي ، أو فتح أو تعبيد طريق نافذ يعود لوزارة الأشغال، أو تنفيذ مشاريع لوزارة الداخلية أو الزراعة أو الشباب أو المياه وهكذا ، فمجالس المحافظات بحاجة إلى مزيد من الصلاحيات والوقت لنقطف ثمار نتائجها وإنجازاتها ، وتصبح ظاهرة للعيان ، كما يسجل لمجالس المحافظات أنه لم يسجل عليها أي قضية فساد أو تجاوزات أو مخالفات مالية ، بعكس بعض البلديات ، وللحديث بقية.