بين الحقيقة والتشويه: مؤسسة الغذاء والدواء في مرمى حملات غير بريئة

دقيقتان ago
بين الحقيقة والتشويه: مؤسسة الغذاء والدواء في مرمى حملات غير بريئة

وطنا اليوم- كتب د.قاسم العمرو-تتعرض المؤسسة العامة للغذاء والدواء، في الآونة الأخيرة، لحملة ممنهجة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تسعى إلى تشويه سمعتها والنيل من مصداقية القائمين عليها، من خلال تضخيم بعض الحالات الفردية أو تصيّد أي هفوة طبيعية قد تحدث في منظومة العمل الرقابي، وتحويلها إلى قضية رأي عام يتم تداولها بخطاب تحريضي يفتقر للموضوعية ويغيب عنه أدنى درجات المصداقية.

إن النقد البناء حق مكفول، بل ضرورة لتطوير الأداء وتعزيز الشفافية، ولكن ما نشهده اليوم يتجاوز حدود النقد إلى التشهير وتصفية الحسابات، ولا سيما من بعض الأصوات المقيمة في الخارج، التي دأبت على بث حالة من التشكيك والتذمر المستمر، وكأنها تعيش في مدينة فاضلة لا تعرف الأخطاء ولا تحتوي على تحديات.

إن ما يغيب عن أذهان البعض هو أن وجود مؤسسة الغذاء والدواء، كمؤسسة رقابية وطنية، هو تحديدًا لضمان السلامة والكشف عن الأخطاء إن وجدت، والتحقق منها ومعالجتها وفقًا للمعايير العلمية والضوابط القانونية. فالمؤسسة لا تعمل في فراغ، بل ضمن بيئة معقدة تتطلب جهداً مضنياً من الرقابة والفحص والاستجابة اليومية لعشرات البلاغات والحالات، ومن الطبيعي أن تكون هناك ثغرات تُعالج في حينها، ولكن غير الطبيعي هو تحويل ذلك إلى سلاح ضد المؤسسة برمتها.

لقد أثبتت المؤسسة، بقيادة الأستاذ الدكتور نزار مهيدات، أنها تقف على مستوى عالٍ من المسؤولية، مدفوعةً بروح وطنية صادقة، وبجهود كوادرها الفنية والإدارية التي تعمل على مدار الساعة، في ظروف ليست سهلة، لضمان سلامة الغذاء والدواء في المملكة. وهي مؤسسة تحظى بثقة الجهات الدولية وشهادات جودة متقدمة، وتعتمد في عملها على مهنية عالية وتجربة تراكمية عريقة.

في وقت يتطلب منّا جميعًا أن نقف خلف مؤسساتنا الوطنية، وندعمها في أداء رسالتها، نأسف لرؤية البعض يستسهل إطلاق الاتهامات والتجريح، ويجد في السوشال ميديا ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات أو تحقيق الشهرة السريعة على حساب المصلحة العامة.

الأردن اليوم بحاجة إلى خطاب مسؤول، يفرق بين الخطأ الطبيعي الذي يتم تداركه، وبين القصد الممنهج في الإضرار بالمؤسسات، كما أن علينا أن نُعلي من قيمة الإنجاز وأن نحترم الجهود الوطنية، بدلًا من أن نستسلم لعقلية الهدم والإنكار.

إن مؤسسة الغذاء والدواء ستبقى، رغم كل حملات التشويه، خط الدفاع الأول عن صحة الأردنيين، ولن يثنيها خطاب التشكيك عن القيام بدورها، ما دامت تؤدي واجبها بضمير حي وإرادة صلبة.