وطنا اليوم:كتب الدكتور محمد حسن الطراونة
مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يلاحظ الكثيرون تفاقم مشاكل الجهاز التنفسي أو ظهور صعوبة في التنفس لم تكن موجودة من قبل. هذه الظاهرة ليست مجرد شعور عابر، بل هي حقيقة طبية تستدعي الانتباه والفهم. الدكتور محمد حسن الطراونة، استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية، يسلط الضوء على الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة ويقدم نصائح قيمة للتعامل معها.
لماذا تزداد صعوبة التنفس صيفًا؟
يشير الدكتور الطراونة إلى أن هناك عدة عوامل بيئية وفسيولوجية تتضافر في فصل الصيف لتزيد من التحديات التي يواجهها الجهاز التنفسي:
ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة: يؤدي الجمع بين الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية إلى زيادة العبء على الجهاز التنفسي. يشعر الجسم بجهد أكبر في تبريد نفسه، مما يزيد من معدل التنفس وقد يسبب ضيقًا لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الرئة أو القلب. كما أن الهواء الرطب يحمل كمية أكبر من الملوثات والمحسسات.
تلوث الهواء: يزداد تلوث الهواء في فصل الصيف نتيجة لازدياد استخدام المركبات، حرائق الغابات (في بعض المناطق)، وتراكم الأوزون على مستوى الأرض، وهو ملوث قوي يمكن أن يهيج الشعب الهوائية والرئتين.
حبوب اللقاح والمسببات الحساسية: على الرغم من أن ذروة حبوب اللقاح غالبًا ما تكون في الربيع، إلا أن بعض أنواع حبوب اللقاح والأعشاب الضارة تظهر في الصيف، مما يؤثر على مرضى الحساسية والربو.
مكيفات الهواء: الاستخدام المفرط لمكيفات الهواء يمكن أن يؤدي إلى جفاف الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي، مما يجعلها أكثر عرضة للالتهابات. كما أن عدم صيانة فلاتر المكيفات بشكل دوري يحولها إلى بؤر لتجمع الغبار والفطريات والعفن، والتي يمكن أن تنتشر في الهواء وتسبب مشاكل تنفسية.
الجفاف: يؤدي الطقس الحار إلى زيادة التعرق وفقدان السوائل، مما قد يؤدي إلى الجفاف. يؤثر الجفاف على لزوجة المخاط في الجهاز التنفسي، مما يجعل من الصعب على الأهداب إزالة الجزيئات الضارة، وبالتالي يزيد من خطر الالتهابات وصعوبة التنفس.
تفاقم حالات الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD): مرضى الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن هم الأكثر عرضة لتفاقم أعراضهم في فصل الصيف، حيث تتفاعل رئاتهم بشكل أكبر مع التغيرات البيئية المذكورة أعلاه.
يقدم الدكتور الطراونة مجموعة من الإرشادات الهامة لتقليل تأثير فصل الصيف على الجهاز التنفسي:
حافظ على رطوبة جسمك: اشرب كميات كافية من الماء طوال اليوم، حتى لو لم تشعر بالعطش. تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو السكر بكميات كبيرة، لأنها قد تزيد من الجفاف.
تجنب التعرض المباشر للحرارة والرطوبة المرتفعة: حاول البقاء في الأماكن المكيفة خلال ساعات الذروة من اليوم (منتصف النهار حتى العصر). إذا كان لا بد من الخروج، ارتدي ملابس خفيفة وفضفاضة ذات ألوان فاتحة.
راقب جودة الهواء: تابع تقارير جودة الهواء في منطقتك،
خاصة إذا كنت تعاني من أمراض تنفسية. قلل من النشاطات الخارجية في الأيام التي تكون فيها جودة الهواء رديئة.
صيانة مكيفات الهواء بانتظام: تأكد من تنظيف أو استبدال فلاتر مكيفات الهواء بشكل دوري لمنع تراكم الغبار والعفن والفطريات.
فكر في استخدام مزيلات الرطوبة إذا كنت تعيش في منطقة ذات رطوبة عالية جدًا.
تجنب مسببات الحساسية: إذا كنت تعاني من الحساسية، حاول البقاء في المنزل في الأيام التي ترتفع فيها مستويات حبوب اللقاح.
استخدم منظفات الهواء عالية الكفاءة (HEPA filters) في منزلك إذا لزم الأمر.
تجنب المهيجات: قلل من التعرض لدخان التبغ، والروائح القوية، والمواد الكيميائية المنزلية التي يمكن أن تهيج الجهاز التنفسي.
الاستمرار على العلاج الوقائي: إذا كنت تعاني من الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن، التزم بخطتك العلاجية الموصوفة من قبل طبيبك ولا تتوقف عن استخدام الأدوية الوقائية حتى لو شعرت بتحسن. استشر طبيبك على الفور إذا ساءت الأعراض.
ممارسة الرياضة بحكمة: ممارسة الرياضة مهمة للصحة العامة، ولكن في الصيف، حاول ممارستها في الصباح الباكر أو في المساء لتجنب ذروة الحرارة.
اطلب المشورة الطبية: إذا كنت تعاني من صعوبة شديدة في التنفس، ألم في الصدر، دوخة، أو زرقة في الشفاه أو الأطراف، اطلب المساعدة الطبية الطارئة على الفور.
يؤكد الدكتور الطراونة أن الوعي بهذه العوامل واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في جودة حياة الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في التنفس خلال فصل الصيف. لا تتردد في استشارة طبيبك للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاجية مخصصة لحالتك.