صُنع السياسات العامة للدولة

19 أكتوبر 2020
صُنع السياسات العامة للدولة
بقلم المهندس: سليمان عبيدات

تساءلت مرارا حول السر الذي ميز الدول التي استطاعت أن تحقق تقدما ملحوظا في كافة مجالات التنمية المستدامة وما حققته لشعوبها من مستويات متميزة من معايير التعليم والرعاية الصحية والأمن والأمان الاقتصادي والاجتماعي، وتميز أداؤها الحكومي بالاستدامة في التقدم وفي كافة المجالات التنموية، والقدرة على التعامل مع التحديات بكفاءة وفعالية.  ما الذي يجعل دولا تتصف بانها ذات تجارب تنموية ناجحة تحقق لمجتمعاتها مستوى لائقا من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي، فيما نجد دولا في ذات الظروف والتحديات تعاني من الصعوبة في تحقيق الحد الأدنى من مستويات معيشية لائقة لمواطنيها.
سؤال وجدت الإجابة عليه في نهج الحكومات المتعاقبة في تلك الدول التي تتبني العقلانية والحوكمة الرشيدة في سياساتها العامة لتحقيق أكبر عائد مجتمعي، سياسات عامة تنموية رشيدة تخدم المجتمع وتؤمن استدامة عمل الحكومات في مختلف القطاعات.
كما حرصت هذه الدول على وضع أطر وطنية وسياسات قطاعية لتوحيد الجهود وضمان التكامل في السياسات لتحقيق الأهداف المشتركة بين كافة القطاعات المعنية بإنفاذ هذه السياسات.
كنت دائم التفكير في هذا الموضوع الهام، والتعبير عن اهميته، فما كان في المقدور الا كتابة مقال حول السياسات العامة ودورها في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للدول، كل وفق مقدراتها وممكناتها الاقتصادية والاجتماعية وراسمالها الفكري، مستفيدة من الاستثمار في نقاط قوتها ومميزاتها.
إلا أن عنوان كتاب جديد لم يُصدر بعد “صنع السياسات العامة” للصديق الدكتور حسن الدعجة الاستاذ المشارك في جامعة الحسين بن طلال، كان محفزا لي على الكتابة.
السياسات العامة للحكومات هي بالمختصر تدبير امر الدولة، من خلال مجموعة القوانين والأنظمة والخطط التي تختارها في إدارتها للمجتمعات وسعيها إلى تطبيقها، ثم التحقق من التزامِ الجميع بها سواءً كانوا أفراداً أو مؤسسات .
فالسياسات تضمن تحقيق الأهداف والغايات التي تم تبنيها في الخطط الاستراتيجية، ومن خلال ادارة الأداء يتم مراقبة وتقييم تنفيذ السياسات، ومن ثم انعكاس ذلك التقييم في التخطيط الاستراتيجي وبالتالي في صياغة السياسات الآخرى .
غاية السياسة العامة تحقيق المصلحة العامة للشعب، وضمانِ تحقيق مصالح المواطنين بما يتناسبُ مع حاجاتهم وحفظ حقوقهم، لذلك لا تقتصرُ السياسةُ العامة على فئةٍ معينةٍ، بل تشملُ كافة فئات المجتمع .
أن صناعة السياسة العامة يتطلب استخدامُ الخطة الاستراتيجية المناسبة لتنفيذها، من خلال الاستفادة من الموارد المتاحة وصياغةِ مجموعةٍ من التوقعات والاحتمالات التي تساعدُ على بناءِ سياسةٍ عامة بالأسلوب السليم واختيار المناسب منها والذي يحقق أفضل عائد مجتمعي.
كل هدف من أهداف السياسة العامة يعتمدُ على مجموعةٍ من المعايير والمؤشرات ، ووضع الخطط التنفيذية الفعالة وتطبيقها ومتابعتها وتقيمها واتخاذ الاجراءات التصحيحية وفق ما يلزم بما يضمن تحقيق الغايات العليا للدولة.
وفي الختام أرى بأنه قد بات مُلحاً وليس ترفاً، التركيز على تطوير قدرات القيادات في الدولة بكافة مستوياتهم الإدارية وخاصة في مجال تحليل السياسات العامة وتطوير الاستراتيجيات والتخطيط لتنفيذها بجودة عالية، وتقيمها وفق أفضل النماذج التي أثبتت نجاحا في تحقيق مؤشرات التنمية بما يضمن تحقيق غايات الدولة العليا بكفاءة وفعالية.