أ. د. امل نصير
يحق لنا جميعا القلق على حال التعليم العام والجامعي بعد انقضاء قرابة السنة على جائحة الكوفيد، سواء أكان على مستوى إتقان مهارات التعلم بتفاصيلها المختلفة، أم على مستوى البعدين الاجتماعي والنفسي الذي لحق بنا جميعا طلبة وأساتذة وأهل…
لقد استبشرنا قبل أيام بانخفاض المنحنى الوبائي في الأردن، ومن ثم عودة الطلبة إلى المدارس والجامعات، ولكننا اليوم نقف حائرين، ليس بسبب عودة المنحنى إلى الارتفاع فحسب، ولكن؛ لأن الفيروسات المتحورة يمكن أن تصيب الأطفال والشباب بعدما كانوا بمأمن منها مقارنة بكبار السن، لا سيما مع وجود اكتظاظ في عدد كبير من المدارس والجامعات على حد سواء؛ الأمر الذي لا يمكننا معه الالتزام بالأيقونات ال4 الت ي يؤكدها علماء الفيروسات، وهي التباعد، والكمامة، وغسل اليدين، أما الأيقونة الرابعة، فلعل غالبية هذا القطاع لا لقاح له بعد، وقد يتأخر كثيرا في ظل الأخبار الأخيرة م ن شح المتوافر من ه إضافة إلى صغر سن طلبة الجامعات، في حين لا يوجد مطعوم لطلبة المدارس إلى وقتنا هذا.
تتسارع الأخبار أيضا في عدد من الدول القريبة، إذ أعلنت عن إغلاق مطاراتها، والتراجع عن العودة إلى الحياة الطبيعية، وهذا يعن ي أ ن الخو ف من تفشي المرض هو السائد، بل لعله الخوف من تحورات الفيروس ذات السرعة في الانتشار.
نحن في الأردن قررنا فتح المدارس الأسبوع القادم، وكنا قاب قوسي ن أو أدنى من قرار العودة الكاملة أو الجزئية إلى الجامعات، فما هي الخيارات المتوفرة أمام أصحاب القرار اليوم؟ وأظن أحلاها م ر، فإن ف ت ح القطاع ربما يؤدي إلي تفشي الجائحة، وبدء موجة ثانية ربما تكون أوسع انتشارا من الأولى ،وندفع ثمنا أكبر على مستوى أعداد الوفيات، والاقتصاد أيضا.
أحسنت وزارة التربية والتعليم بجعل الموضوع اختيارا مع تعهد الأهل بتحمل مسؤولياتهم باتخاذ القرار المناسب لهم ولأبنائهم، أما طلبة الجامعات، فيمكن التخيير لهم بفتح شعب عن بعد وأخرى عن قرب مع تحملهم مسؤولية قرارهم فيما يتخذ من قرارات بشأن عقد الامتحانات وغيرها، قد يقد م كثير من الأهل والطلبة الصحة؛ لأن المريض لن يفيد علما، ولن يكسب تعلما، وقد لا يعجب هذا الرأي آخرين، فهناك انقسام حتى بين علماء الفيروسات أنفسهم، وكل عنده وجهة نظر مهمة، فإذا أرادت الحكومة إغلاق القطاع سيكون الخو ف من خطورة تراجع التعليم، وإ لا فيمكن انتشار الجائحة.
أما نحن معاشر الأهل، فعلينا أن نع و ض أبناءنا الصغار ما فاتهم من تعلم، وأن نبصر الكبار منهم بالمسؤولية ال م لاقاة على عاتقهم في الإفادة من التعليم عن بعد ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. على الجميع اليوم تحمل مسؤول ياته، والمشاركة في تحمل نتائج أي قرار يتخذ حول التعليم – على صعوبته- ويمكن للحكومة وأصحاب العمل تخفيف ساعات العمل على الأمهات حتى يتسنى لهن القيام بمهمة تدريس الأبناء، وهو على كل حال أفضل من مرضهم، أو نقل المرض من الجامعة أو المدرسة إلى من هم في البيت من كبار السن …حتى يخلق الله أمرا كان مفعولا.