الدكتور محمد الهواوشة
إن المواطن الأردني اليوم يعيش تحت وطأة قرارات حكومية متتالية تعمق الأزمة الاقتصادية، وكأنها تزيده عبئاً يوماً بعد يوم دون رحمة. آخر هذه القرارات التأكيد على قرار رفع الضريبة على السيارات الكهربائية، وكأن ارتفاع أسعار المحروقات لم يكن كافياً، مع أنها بلغت مستويات غير مسبوقة، ليتأرجح المواطن بين تكلفة الوقود المتزايدة وفاتورة الكهرباء المرتفعة. فهل هناك سبيل للخروج؟ أم أن المواطن الأردني محكوم عليه بمواجهة جدار اقتصادي منيع؟
الأردن الأولى في غلاء المعيشة: من المسؤول؟
في الوقت الذي تصدرت فيه الأردن المرتبة الأولى عربياً بارتفاع كلفة المعيشة، بقيت الرواتب متدنية، غير قادرة على مواجهة الزيادة المطردة في الأسعار. وفي ظل هذه الظروف المعيشية المتردية، ما زالت الحكومة تلجأ لفرض الضرائب وإثقال كاهل المواطن، متجاهلةً أي حلول مبتكرة لتحسين الاقتصاد. الأمر الذي يطرح تساؤلاً ملحاً: هل تستسهل الحكومة الحلول السريعة على حساب المواطن دون اعتبار للمعاناة التي يعيشها؟
تخاذل جعفر حسان: من يتحمل عبء المواطن؟
في هذا الإطار، تبرز المسؤولية على عاتق صناع القرار، وعلى رأسهم جعفر حسان، الذي خذل المواطنين بعدم اتخاذ موقف جاد لإبطال قرار رفع الضريبة على السيارات الكهربائية. بدل أن يمد يده للوقوف إلى جانب الشعب، يبدو أنه اختار الصمت أمام هذا القرار، مفسحاً المجال أمام موجة جديدة من الأعباء المالية، في حين تستمر رواتب الوزراء وأعضاء الأعيان والنواب والهيئات المستقلة في الارتفاع، وكأن لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي المتدهور.
سياسات الحكومة في الميزان: مواطن مثقل بالأعباء واقتصاد متعثر
تبدو الحكومة وكأنها لا تبحث إلا عن الحلول التي تضع عبئها على المواطن، رغم أن الأزمات المالية تتطلب إصلاحات جذرية ورؤية واضحة تستهدف تحسين الواقع العام. إن الوضع الحالي يتطلب وقفة حازمة، وخططاً شاملة تراعي مصلحة الجميع، لا سيما الفئات الأكثر تضرراً. إن استمرار هذه السياسات يعني استنزاف جيوب المواطنين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد.
الحلول المطلوبة: خريطة طريق نحو إنقاذ المواطن والاقتصاد
إن تجاوز هذه الأزمة يتطلب إجراءات عاجلة وجذرية، تضع حداً لاستمرار هذه السياسات المثقلة للمواطن. إليكم أهم الخطوات اللازمة:
1. إصلاح النظام الضريبي بشكل عادل
يجب إعادة هيكلة النظام الضريبي بحيث يوزع العبء بشكل عادل بين الفئات، مع خفض الضرائب على السلع الأساسية والمحروقات. يجب كذلك تحفيز القطاعات التي تسهم في تخفيف الأعباء المعيشية، بما في ذلك تخفيض ضريبة السيارات الكهربائية، للتشجيع على استخدام الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود المكلف.
2. مكافحة الفساد وتقليص الترهل الإداري
إن استقلالية ديوان المحاسبة وتفعيل هيئة مكافحة الفساد بصلاحيات حقيقية سيضمنان مراقبة فعالة على الإنفاق العام. يتطلب ذلك تقليص عدد الوزراء وإلغاء الهيئات المستقلة التي لا تضيف أي قيمة حقيقية، لتخفيف الأعباء على الخزينة العامة وترشيد الإنفاق.
3. تحفيز الإنتاج المحلي وتعزيز الصناعات الوطنية
تطوير الصناعات المحلية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة سيساهم في خلق فرص عمل جديدة وتخفيف الاعتماد على الواردات، مما يساهم في استقرار الأسعار. التركيز على الزراعة والصناعات المحلية أيضاً سيعزز الاقتصاد ويقلل من التكلفة على المواطن.
4. إصلاحات في قطاع الطاقة وتشجيع الطاقة المتجددة
يجب على الحكومة الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، مما يسهم في تخفيض فاتورة الكهرباء على المدى البعيد ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري. يمكن كذلك تقديم حوافز لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية لتخفيض تكاليف الكهرباء.
5. تحسين مستوى الرواتب والمعاشات وفق تكلفة المعيشة
لا بد من رفع الحد الأدنى للأجور لتناسب مع تكاليف المعيشة المرتفعة، وإعادة هيكلة أنظمة التقاعد لتحسين مستوى المعيشة للمتقاعدين. هذا سيساعد في ضمان حياة كريمة للجميع، ويخفف من الضغط المعيشي على الأسر.
6. التقليل من الاعتماد على القروض الخارجية
يتطلب تخفيف الأعباء المالية على البلاد تنويع مصادر الدخل عبر تطوير قطاعات مثل السياحة وتوطيد الشراكات الاقتصادية، مما يساهم في تقليل الاعتماد على القروض الخارجية.
7. إصلاح النظام التعليمي والتدريبي
يجب الاستثمار في التعليم والتدريب المهني بما يلبي احتياجات السوق المحلي، لضمان إنتاج كوادر قادرة على المساهمة في دعم الاقتصاد وتنمية المجتمع، والتشجيع على التعليم الذي يتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للسوق الأردني.
في الختام، إن تطبيق هذه الحلول يتطلب إرادة سياسية حقيقية وشفافية في الإجراءات الحكومية. هناك حاجة ماسة لفتح حوار شامل مع المواطنين والخبراء للخروج بسياسات اقتصادية عادلة، تضع حداً للمعاناة المتزايدة وتحافظ على كرامة المواطن.