كتب العين عبدالحكيم محمود الهندي :
في الوقت الذي ينشغل فيه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بالبحث عن كل السبل التي يمكن أن توقف آلة القتل والدمار في غزة وفي لبنان أيضاً، وازدياد حدة التطورات “الملتهبة” في المنطقة لا سيما مع تصاعد العدوان أكثر وأكثر، فإن جلالته يعمل أيضاً على تعميق أواصر العلاقات الأردنية العربية، وكذلك العربية – العربية، إيماناً من جلالته بأن هذا واحدٌ من روافع الحل “الضرورية”، فلا حل ممكن لكل القضايا العربية، وللقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، إلا بوجود جبهة عربية متماسكة وصلبة.
ولعل الجبهة السعودية – الأردنية كانت، وما زالت، واحدة من أقوى الجبهات التي تشكلها العلاقات الثنائية على مستوى الدول لأنها تستند إلى تاريخ طويل من التنسيق والثقة، وانطلاقاً من هذه الثوابت جاءت زيارة الملك، وبرفقة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، إلى الرياض، وعقد لقاء هام مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فرفع درجات التنسيق بين البلدين، هو مطلب مُلِحّ وضروري الآن ذلك أن تأثير عمان والرياض، وثِقلهما والاحترام الذي تحظيان به على الصعيد العالمي وفي كافة عواصم ومؤسسات صنع القرار الدولي، هو واحد من أهم الآمال التي يمكن أن يُعوّل عليها لتحقيق المطلب الأهم الآن بوقف الحرب في غزة ولبنان كمقدمة للطموح الأكبر في تحقيق السلام لهذه المنطقة التي وضعتها حكومة التطرف في تل أبيب على حافة حربٍ إقليمية وفوضى عارمة.
ولعل من يتابع نتائج اللقاء في الرياض، يلمس دون أدنى شك مدى التطابق في المواقف بين البلدين الشقيقين تجاه كل القضايا العربية والدولية، وهذا ليس بالغريب أبداً، فلطالما اعتبر المحللون السياسيون بأن ما ينتج من مواقف عن الأردن والسعودية يمثل “باروميتر” للسياسة العربية بشكل عام، ففي عمان والرياض قيادة حكيمة تعي المصالح العربية، وتعمل على تسخير علاقتيهما القوية عالمياً للصالح العربي، وفي الذاكرة العربية أن أهم المبادرات العربية للسلام كانت قد خرجت في يوم ما من الرياض وأحرجت، منذ صدورها، دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهي ما عٌرِفت بالمبادرة العربية للسلام، فهي من كشفت حقيقة نوايا دولة الاحتلال غير المكترثة أو المهتمة بالسلام أساساً.
شخصياً، وكمراقب للحدث وللتطورات الهامة على صعيد المنطقة والعالم، وليقيني الكامل بحجم وثِقل جلالة الملك وولي العهد السعودي، عربياً ودولياً، فإن الأمل الكبير يحذوني بأن ضوءاً بات في نهاية النفق، فهذه خطوة كبيرة لتقوية الجبهة العربية، كما أنها ستكون بداية الانفراجة على الأهل في غزة وفي كل فلسطين، وفي لبنان أيضاً.