وطنا نيوز / بقلم د. ماجد الخواجا
هذه الحكومة رقم 14 في عهد الملك عبد الله الثاني، عدد الوزراء في الحكومة 32 وزيراً، واحتفظ 14 وزيراً من حكومة الخصاونة بحقائبهم، وهناك 5 وزيرات من النساء، 10 منهدسين وزراء، 2 أمناء عامين لحزبين، 6 وزراء دولة، 5 وزراء كانوا نواباً، وبعض الوزراء من الحزبيين.
لا تستغرب دولة جعفر حسان من نبش الأردنيين في تفاصيلك الشخصية، بل لا تستغرب الهجوم عليكم منذ اللحظات الأولى لإعلان تكليفكم بالحكومة، لقد بحثوا عن اسمك وعن عائلتك وعن اهتماماتك وعن آرائك السياسية والاقتصادية، عن منبتك وأصلك وفصلك، وهذه كلها متوقعة واعتيادية طالما قبلت أن تتولى موقعاً عاماً، وكما قال ابن حزم الأندلسي “من تصدر لخدمه العامة، فلا بد أن يتصدق ببعض من عرضه على الناس، لأنه لا محالة مشتوم، حتى وإن واصل الليل بالنهار”.، وكما قال الشافعي “من ظن أنه يسلم من كلام الناس فهو مجنون”. وأتمنى أن لا نسمع عن رفع قضايا بحق مواطنين انتقدوا أداءحكومياً أو انتقدوا شخص رئيس الحكومة أو أحد وزرائها.
لم يحدث في تاريخ الحكومات الأردنية المعاصرة أن نجت حكومة من النقد والاعتراض وحتى الرفض مع بداية تشكيلها، لقد أصبحت بمثابة ثقافة شائعة مثل هذه المعارضة للحكومات في فترة ما قبل وأثناء وما بعد التكليف لها.
أتذكر عام 2012 مع تشكيل حكومة الدكتور معروف البخيت الثانية رحمه الله، أنني كنت من ضمن خمسين شخصية أصدرنا بياناً سياسياً نعارض فيه تشكيلة البخيت ومنذ صباح اليوم التالي لتشكيلها، أي أن وزرائها لم يجلسوا على مقاعدهم ولم يستلموا ملفات وزاراتهم بعد.
وأذكر أنني كنت جالساً بجوار أحد الوزراء السابقين في احدى المناسبات، فقلت له: هل لك أن تطلعني على آداب الدخول للحكومة؟ أجابني: إنني أعرف لماذا دخلت الحكومة ولا أعرف لماذا خرجت منها.
إن ثقافة المعارضة للحكومات تتباين في الغايات والأولويات والمعطيات تبعاً لمصدرها، هناك من يعارضون لأسباب شخصية وذاتية لاعتقادهم أنهم أجدر بمقعد وزاري وحقيبة وزارية، وأنه تم استثنائهم والتجاوز على حقهم في الوزارة، وهؤلاء لا يعدون ولا يحصون ممن يرون في أنفسهم حقاً تاريخياً أو عشائرياً أو جهوياً أو مناطقياً، ولا يعني ذلك عدم وجود من يرى في نفسه أن الأجدر والأكفأ للمنصب.
دولة الرئيس الجديد: لن أغيّر السارية لأعلن بعد عمرٍ من المعارضة أنني مؤيد لحكومتكم، لا بل هناك عديد من الأسباب الذاتية لحكومتكم والعوامل الموضوعية التي تكفي لإعلان المعارضة لهذه الحكومة.
إن مجرد مطالعة الحقائب الوزارية لحكومتكم تشعر بثقل الحركة لها، فهناك عديد من وزراء الدولة الذين تتداخل مهامهم إن تمت ممارستهم لها مع عديد من الوزراء المناظرين لهم. حكومة ليست رشيقة ولن تكون حركتها سهلة، ستتداخل الأدوار والمهام بين وزرائها.
حكومة بطعم التعديل السابع للحكومة السابقة، فأن يبقى 14 وزيراً محتفظين بحقائبهم من الحكومة السابقة، يوحي ذلك بأن هذه الحكومة لن تحيد عن مسار سابقتها قيد أنملة، بل الأقوال تشير إلى أن التعديل أصاب فقط رأس الحكومة ولم يصب جسدها وبنيتها. حكومة تصلح بأن يطلق عليها حكومة جعفر الخصاونة أو حكومة بشر حسان.
حكومة مهندسين تضم 10 وزراء يحملون اختصاصاً هندسياً، دون أن يرتبط الاختصاص بطبيعة أعمال الوزارة التي يتبوأها المهندس، فوزير الزراعة كمثال هو مهندس ميكانيك، وزير الأشغال هندسة معمارية، وزير الاستثمار مهندس اتصالات، وزير الطاقة هندسة ميكانيك، وزير البيئة هندسة مدنية، وزير المياه هندسة مدنية، وزير القطاع العام هندسة صناعية، وزير الإدارة المحلية مهندسن وزير الشباب هندسة مدنية، وعند مطالعة التخصص للوزير والاختصاص للوزارة الملكف بها، يتضح أن لا علاقة لكثيرٍ منهم بوزاراتهم، أي أن ذريعة التكنوقراط تنتفي عنهم، فهم ليسوا من صلب وعمق الاختصاص الوزاري، وأيضاً هم لم يتم تعيينهم استناداً إلى خلفية سياسية، بمعنى أن يأتي الوزير من مرجعية سياسية أو حزبية، وهذا يدلل على أن الاختيار الوزاري له اعتباراته غير الفنية وغير السياسية.
حكومة متناقضة في طبيعة تشكيلتها، حيث تم دخول بعض أمناء الأحزاب الجديدة غير الناضجة في تجربتها السياسية، وهذا قد يضعف من الحوكمة الرشيدة للحكومة بسبب الانتماءات والولاءات الحزبية المفترضة للوزراء الحزبيين، فلا يمكن تصديق أن هذا الوزيرسيكون على مسافة واحدة مع الجميع في وزارته نظراً لارتباطه العضوي بحزبٍ معيّن. ومن غير المفهوم سبب دخول من دخل من الحزبيين، وسبب عدم دخول غيرهم من الأحزاب، ربما كان الأجدى بالحكومة أن تنأى بنفسها عن شبهة تداخل واشتباك المصالح الشخصية والحزبية بالعمل العام.
في مفهوم الإنجازات الحكومية: أرجو أن تتعظ هذه الحكومة من عدم محاولة استعباط واستغفال الشعب، بأن تنهال عليه بالأرقام والإحصائيات غير الدقيقة عن إنجازات وهمية متخيّلة لا وجود لها على أرض الواقع. ليس من الإنجاز دولة أبو حسان تعداد الاجتماعات واللقاءات والزيارات وافتتاح محلات والإيعاز بتقديم خدمات وغير ذلك، هذه كلها من صلب المهام اليومية للحكومة، وليس كما تصورتها الحكومة السابقة بأنها (إنجازات)، الانجازات تتمثل في عدد من تم تشغيلهم كمثال، عدد المصانع الجديدة، عدد فرص العمل المستولدة، حجم الإيرادات ونسبة الزيادة الحقيقية التي تعتبر جزءاً من مستوى النمو الاقتصادي، وليس من جيوب المواطنين بالضرائب الجبائية السهلة التي لا تتطلب لتحصيلها أكثر من تحبير ورقة بقرار رفع سعر تلك السلعة أو ذاك المنتج كما فعلت الحكومة السابقة بقرار عبثي غير مفهوم أن رفعت الضريبة على المركبات الكهربائية وعلى السجائر وربطت ذلك بحرصها على صحة المواطن، ولو كان ذلك الحرص صحيحاً لقامت بتفعيل قانون الصحة العامة، والقناعة لدى المواطن أن الحكومات معنية بالضريبة بأي شكلٍ من الأشكال، وأنه لو قام الشعب بالإقلاع عن التدخين، لقامت الحكومة بفرض ضريبة على عدم التدخين.
احرص دولة الرئيس على علاقة مهنية رفيعة مع الإعلام وعدم قصرها على بعض المتكسبين والمتكلسين ممن اختطفوا الاعلام ذات غفلة وأصبحوا سدنته ورموزه.
انتبه لما يصدر من أرقام وتصريحات لوزراء حكومتك التي تظهر الحكومة بمظهر ساذج لا يليق بها، وأعتقد أنك بعملك لسنين طويلة داخل المطبخ الرسمي، عركت الشيءالكثيرٍ ممن يغلفون ويزيّنون سوء أعمالهم بعروض تقديمية زاهية الألوان والحركة والإثارة، لكنها في حقيقتها تساوي صفر إنتاج.
انتبه لعدم استخدام التعديلات الوزارية واستسهالها كما هو الحال مع الحكومة السابقة، وانتبه لموضوع إلغاء وزارة أو دمجها أو استحداث وزارة أثناء فترة ولايتكم. لقد كادت الأمور أن تنفلت من عقالها مع الحكومة السابقة بممارساتها الضبابية فيما يسمى بالإصلاح الإداري وفي الإدارة العامة.
لا تقحم الشخصي بالرسمي في التعامل والنظر لأي مواطن، ولا ترضى أن يكون هناك مواطناً خصماً لكم شخصياً.
لا تعتقد أن الشعب لم يتخم من التنظير والوعود التي أنهكته دون تحقق واحدٍ منها، فلا تكثر ولا تغدق عليهم بالأوهام أو الأحلام، لأنهم خبروها تماماً مع الحكومات السابقة التي لم تأت للمواطنين إلا بزيادة البؤس والفاقة وقلة الحيلة.
حاولت للمرة الأولى أن أعلن موالاتي للحكومة، لكنها كعادتها أصرّت على أن أظل في صفوف الشعب المعارض الناقد لها، طالما بقيت طريقة التشكيل لها وطريقة العمل وطريقة التعامل والتصريحات ذاتها.
دولة الرئيس: مع أمنياتي لكم بالتوفيق، إلا أنني سأبقى منسجماً مع الواقع السائد، وأعلن بأنني سأظل في موقعي الناقد إلى أن يثبت عكس ذلك.