وطنا اليوم:قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان إن إسرائيل كانت تخطط لترحيل مليوني فلسطيني من الضفة الغربية إلى الأردن، وإن هذا المشروع خطير جدا ليس على الفلسطينيين وحدهم، بل على المنطقة كلها، وإن جبهة جديدة للمقاومة بدأت في الضفة.
ونفى حمدان -في مقابلة صحفية- تأكيدات سابقة لجيش الاحتلال الإسرائيلي عن اغتيال القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف، وقال إنه بخير وما زال على رأس عمله ويمارس دوره كقائد للمقاومة.
وشدد على أنه لا توجد مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بمعزل عن إسرائيل، وقال “نحن سمعنا في الإعلام بأن هناك حديثًا أميركيًا عن صفقة مباشرة مع حركة حماس، لكن حتى اللحظة لم يكن هناك شيء عملي، فالأميركيون لم يتصلوا بنا بشكل مباشر، ولا أرسلوا عبر الوسطاء شيئا من هذا القبيل”.
وتطرق كذلك إلى المعايير التي على أساسها اختارت حماس يحيى السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي، ونفى أن يكون هذا الاختيار جاء ردا على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، “لأن ذلك لم يتم بطريقة ثأرية ذاتية فردية”.
وقال ان إسرائيل راهنت طويلا على نجاحها في القضاء على قدرة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبعد ذلك دخلت في مرحلة جديدة من الطمع بأن ترحّل مليوني فلسطيني إلى الأردن، وهذا مشروع خطير ليس على الفلسطينيين وحدهم بل على كل المنطقة، لأن ترحيل كتلة بشرية بهذا الحجم من فلسطين إلى أي مكان في العالم معناه أن أي قوة غاشمة في العالم تستطيع أن ترحل من تشاء.
وهذه الرهانات الإسرائيلية نشأت نتيجة تراكم المواجهات مع المقاومة الفلسطينية في الضفة، وفي ظل معركة “طوفان الأقصى” كانت المفاجأة عكسية تمامًا للإسرائيليين، وانطلق فعل مقاوم تجاوز كثيرًا مراحل النشأة والتطور، وقفز قفزة نوعية.
وأنا أعتقد أن العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة في شمال الضفة لن تنجح في تقويض هذا الفعل المقاوم، وأنا أقول بكل وضوح إن الأيام القادمة ستكشف عن واقع في الضفة سيكون مختلفًا تمامًا عما يريده الاحتلال، وإن الضفة التي يريد الاحتلال أن يفرغها من السكان لصالح الاستيطان هي التي ستدق المسامير في نعشه.
هل ستفتح المقاومة جبهة جديدة في الضفة؟
الجبهة بدأت بالفعل، ونحن نتكلم الآن عن التصاعد في العمليات، وما فعله الاحتلال في جنين ليس من أجل القضاء على المقاومة وإنما يركز جهده في البطش بالبنية التحتية المدنية الفلسطينية، وهذا مؤشر واضح على أنه يعبّر عن عجز في مواجهة المقاومة أو القضاء عليها.
وهذه هي عقلية إسرائيل نفسها في البطش بالفلسطينيين، والطريقة ذاتها التي تجري في غزة، لكن النتيجة التي ستنشأ عن ذلك أن الاحتلال يبني جدارًا إضافيًا من الدم بينه وبين الشعب الفلسطيني، وكثير من الأطفال والشباب الذين رأوا بطشه اليوم كمراقبين سيكونون مقاتلين في صفوف المقاومة غدا بإذن الله.
هل نجحت إسرائيل في اغتيال محمد الضيف كما تقول؟
الإسرائيليون تحدثوا عن ذلك، وبالنسبة لنا كحركة فإننا نعلن عندما يكون لدينا شهداء، فأنْ ينال الإنسان الشهادة ليس عيبًا ولا كارثة ولا خسارة؛ فهذه معركة وفيها جهاد واستشهاد وانتصار.
أما إذا أرادت إسرائيل أن تمارس حربًا نفسية فنحن نرد على ذلك بأن الأخ أبو خالد (محمد الضيف) بخير وما زال على رأس عمله ويمارس دوره كقائد للمقاومة، وكل ما نُشر إشاعات لم تدفعه إلى الوراء، ولم يزل في موقعه يؤدي دوره مع إخوانه، ورغم مرور أكثر من 330 يومًا من القتال لا هو ولا جنوده كلت لهم عزيمة ولا تراجعت لهم إرادة.
ما المعايير التي على أساسها انتُخب يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس؟
لدينا في حماس معايير يتضمنها النظام الداخلي للحركة وشروط يجب أن تتوافر في أي قائد، ومنها ما يتعلق بالعمر والأدوار التنظيمية التي شغلها وسيرته التنظيمية الخالية من الإشكالات أو الشوائب.
وهناك أيضا معايير غير مكتوبة؛ مثل أن يكون شخصًا يلقى القبول العام داخل الحركة وفي البيئة العامة الوطنية الفلسطينية، فلا تستطيع أن تختار شخصًا لقيادة الحركة مشتبكًا مع بيئته العامة أو المجتمع الذي يعيش فيه.
أما الأخ يحيى السنوار فقد لعب دورًا مهمًا في المصالحة الفلسطينية التي أفضت إلى الانتخابات عام 2021 والتي عطّلها الاحتلال، وبالتالي هو في بيئة الحركة الداخلية له مكانته وفي البيئة الوطنية له قبوله.
أيضا من العوامل التي دفعت إلى انتخابه بالإجماع موقعه في قيادة المعركة وحضوره في الصف الأول في هذه المعركة مع الاحتلال، فقد كان القائد السياسي لقطاع غزة، وبالتالي فإن دوره في هذه المعركة واضح وبصمته واضحة.
كما أن البيئة العامة في الحركة لا يوجد فيها تدافع حول من يكون رئيس الحركة بقدر ما هو بحث عن الأصلح والأنسب في هذا الظرف الزمني، وحصل التوافق عليه.
بعد 11 شهرا من العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع، ما تقييمكم لعملية طوفان الأقصى خاصة مع هذا العدد الكبير من الضحايا؟
المقارنة بين عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وعدد الشهداء الذين راحوا ضحية العدوان الإسرائيلي ليست مقاربة صحيحة، لأن المقاربة هي طبيعة هذا الاحتلال وجرائمه وما يفعله بالشعب الفلسطيني، وهذه الإبادة الجماعية التي ترتكب في قطاع غزة اليوم تؤكد شيئًا واحدًا وأساسيًا وهو أنه بلا مقاومة لا يستطيع الشعب الفلسطيني أن يتحرر، وبلا مقاومة لن تتراجع إسرائيل إلى الوراء.
ولذلك فإن “السابع من أكتوبر” هو ناتج 75 سنة من الاحتلال، وناتج مشروع إسرائيلي إستراتيجي هدفه تصفية القضية الفلسطينية، والمجازر التي ترتكب الآن هي محاولة لاستعادة زمام المبادرة الإسرائيلية.
العالم كله بات يدرك اليوم أن المشكلة في إسرائيل، وأن الحل هو أن يكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة ذات السيادة، وبغض النظر الآن عن تباين وجهات النظر حول هذه الدولة ومساحتها وحدودها، وسوى ذلك لا يمكن أن تستقر الأمور، وهذه النقلة في الواقع السياسي صنعها “السابع من أكتوبر”، بينما الإبادة الحالية صنعها تاريخ إسرائيل المليء بالمجازر بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 حتى اليوم.
وهل حماس مستعدة لتسليم السلطة في القطاع لهذه الحكومة؟
نحن اتفقنا في بكين على أن تكون هناك حكومة وفاق وطني تتولى إدارة الشؤون كاملة في غزة والضفة، فنحن لسنا بحاجة لأن نسلم أحدا أو يتسلم منا أحد، فهذه حكومة وفاق وطني تدير كل شيء، والهياكل الإدارية والمؤسسات موجودة.