وطنا اليوم_بقلم_ سامح محاريق
*الأردن ليس بلدًا ريعيًا من ناحية التعريف، ولكنه يمارس سلوكًا ريعيًا!*
*مستوى إنتاجية الأردن في القطاعين الخاص والعام ليس مرضيًا، لا لأن الموظف الأردني إنتاجيته منخفضة، على العكس من ذلك، ولكن لأن معدلات الاستثمار الخارجي متدنية، وليست في قطاعات إنتاجية، كما أن البنية التشريعية لم تكن ملائمة للدخول في التنافس على الاستثمار، كما أن الاستثمار الداخلي يتصف بالتمركز في قطاعات غير منتجة.*
بناءً على ذلك، فإن الاستهلاك والإنتاج في الأردن، والعرض والطلب، يقومان على أساس التعبئة والتفريغ من بعضهما، والفرق يتم تمويله بصورة أو بأخرى، يعني أننا نقوم بالبيع (سلع وخدمات) من بعضنا البعض، مع تمويل الفوارق التي تحدث في صورة دخول للناس من الاقتراض، ومن تحويلات الأردنيين في الخارج، والسياحة، ومما يحاول البنك المركزي ترقيعه وراء الحكومة. والدنيا ماشية!
أين المشكلة؟
التعليمات الجديدة ستؤدي إلى تفريغ واسع في جانب الاستهلاك، وهذا سيلحق بجانب الإنتاج بالضرورة. فإذا كانت المحصلة ترشيق الجهاز الحكومي بواقع 200 ألف موظف، على أساس تفعيل إنتاجية المتبقين، فإن المائتي ألف لن يحصلوا على دخل، وبالتالي، فالمطعم الذي أقام افتراضاته على أساس قوة شرائية معينة في سوق معين، سيجد أن الطلب يتراجع، ويقوم بدوره بصرف عمال آخرين، ولا توجد قطاعات تستوعب الفوائض في القطاع الخاص.
ربما يعود الموظف المتحصل على إجازة ليلتحق بعمله بناء على النظام، وعند ذلك سنخسر تحويلاته ومدخراته التي يشتري بها بيتًا أو يستثمرها في مشروع. وربما يتوقف الموظف عن العمل بعد أوقات الدوام الرسمي، وذلك أمر جيد لضمان تفرغه للوظيفة، ولصحته أيضًا، ولكنه يعمل بعد الدوام لسببين: الراتب لا يكفيه، ولأنه يوجد قبول له في العمل، بمعنى أنه يقدم خدمة مطلوبة، ويساهم في التشغيل الكلي الذي يرتبط قياسه بالمال، وليس بالضرورة بعدد المشتغلين.
المقصود… النظام سيحدث خللًا في غير وقته، ومن غير تقديم البدائل المناسبة.
أفترض أنك عزيزي القارئ لم تفهم الكثير مما كتبته، مع أنني أحاول توضيحه بأبسط طريقة أستطيعها، ولكن يفترض أن من يمتلك الفرصة لينظر على المشهد من أعلى وملابساته عليه أن يعلم أن النظام لا يخدم الاقتصاد الوطني في حالته الراهنة، فهو نظام يخدم دولًا ذات إنتاجية مرتفعة أو ذات ريع متواصل!