حجاج بيت الله الحرام تلهج ألسنتهم بالدعاء للأمة

15 يونيو 2024
حجاج بيت الله الحرام تلهج ألسنتهم بالدعاء للأمة

في هذا اليوم العظيم، يوم عرفة المبارك الذي يصادف اليوم السبت، تتوحد قلوب المسلمين في كل مكان بالذكر والدعاء، وفي مقدمتهم حجاج بيت الله الحرام الذين يقفون على صعيد عرفات، يتضرعون إلى الله، ويناجونه بالفرج والرحمة، وترتفع الأصوات ملبية نداء حال أهل غزة الذين يعيشون ظروفا قاسية بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع فهم أحوج ما يكون في هذا اليوم العظيم بالدعاء لهم بان يثبتهم الله في هذه المحنة العصيبة.

الحجاج وهم في هذا اليوم الذي يوحدهم على اختلاف ألوانهم وألسنتهم في صعيد واحد، وبثوب واحد يدعون الله، ويتقربون إليه، كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض، ويعطف بعضهم على بعض، ويتراحمون فيما بينهم في أبهى صور العظمة والإنسانية والتضامن، مغتنمين الفرصة بالدعاء لإخوانهم المسلمين، سائرين على نهج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في التضامن والتكافل كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

مساعد الأمين العام لشؤون الدعوة ومدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور إسماعيل فواز الخطبا،قال : نستقبل يوم عرفة اليوم التاسع من ذي الحجة، وذكر الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى- سبب تسميته بهذا الاسم “..لأن الناس يتعارفون فيه”. وقد أقسم الله به في قوله تعالى:(وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) البروج: 3. فالشاهد هو يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة، وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله تعالى: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر) الفجر: 3، قال ابن عباس: “الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة”.

وأضاف: انه يوم عظيم، يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ) صحيح ابن حبان.

وأشار إلى أنه في مثل هذا اليوم العظيم (يوم عرفة) خطب سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس، وهو على راحلته، خطبة عظيمة؛ لأنها تحمل رسائل عظيمة إلى الناس كافة في أرجاء المعمورة، وإلى قيام الساعة. فقال صلى الله عليه وسلم :” إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا…، ودماء الجاهلية موضوعة…. فاتقوا الله في النساء…. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بأصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكبها إلى الناس – أي يميلها إليهم – اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات”.

واستكمل حديثه قائلا:” لا بد لنا، وأن نقف بعض الوقفات مع هذا اليوم العظيم ومع خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، لنعيش في أفياء هذه الكلمات النبويات الشريفات في تلك اللحظات المباركات من خطبته صلى الله عليه وسلم”، إذ خاطب الناس كافة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- بُعث لهداية الناس كل الناس. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ((13)) [الحجرات: آية 13]” .

كما أنه في تحريم الدماء رسالةً قوية للناس عامة، وللمسلمين خاصة بأن يبتعدوا عن سفك الدماء وانتهاب الأموال، وهذا مما يؤكد حرمة الدماء والمحافظة على الأموال؛ وهما من مقاصد الضروريات الخمس التي جاء الإسلام ليحافظ عليهما، فضلا عن تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من أمور الجاهلية، لأنها خطر جسيم على الناس أجمعين، فهذه رسالة إيمانية تخاطب كل الناس بالابتعاد عن كل ما لا يرضاه الله -سبحانه وتعالى- ونبيه -صلى الله عليه وسلم- من الأقوال والأفعال والعادات والتقاليد السيئة، بحسب الخطبا.