نقف على اعتاب أولى مراحل تطبيق تجربة سياسية جديدة بنيت على التدرج المدروس الذي يسمح بالنضج دون قفزات في الهواء
التحديث السياسي يخدم الشباب الأردني باعتبارهم الجيل الذي يجب إعداده لعالم الغد وعلى المجتمع ومؤسسات الدولة أن تدعمهم وتمكنهم
التحدي الاقتصادي كبير ويجب إعادة النظر في هرم القوى العاملة والحل في التعليم التقني والمهني
الانتخابات القادمة بوابتنا إلى برلمان قوي يمارس الرقابة النزيهة والتشريع العصري معتمدا على المشاركة الشعبية الفعالة والبعد عن الفئوية والجهوية والاعتبارات الضيقة
وطنا اليوم:تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد المعظم، عقدت في اليوم الاثنين، الدورة الثانية من مؤتمر الحوار الشبابي الوطني، الذي يأتي بتنظيم من لجنة مبادرة الحوار الوطني الشبابي في مجلس الأعيان.
وقد تحدث رئيس الوزراء الأسبق، النائب الأول لرئيس مجلس الأعيان سمير الرفاعي في أولى جلسات المؤتمر، والتي أدارها العين الدكتور أحمد عويدي العبادي، حول عملية التحديث السياسي وأهمية انخراط الشباب بها، كون تعزيز المشاركة السياسية للشباب من أهم أهداف هذا اللقاء الوطني.
وقال الرفاعي في بداية حديثه أن هذه المبادرة التي تحظى برعاية سامية كريمة من سمو ولي العهد المعظم، تأتي انطلاقا من دور ورعاية سموه الدائمين للشباب على الصعيد الوطني والدولي، مذكرا الرفاعي في هذا الصدد باستجابة الأمم المتحدة لدعوة سموه لإشراك الشباب وتعزيز مساهماتهم في صناعة السلام المستدام على مستوى العالم، ما نتج عنه تبني مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2250 المستند إلى “إعلان عمان حول الشباب والسلام والأمن” والذي بني على جهود سمو ولي العهد لتسليط الضوء على دور الشباب وأهمية مشاركتهم كعنصر أساسي وفاعل في مجتمعاتهم والمجتمع العالمي.
مؤكدا الرفاعي أن هذا يأتي امتدادا لإيمان ودعوات جلالة الملك بالمزيد من المشاركة الشعبية والاهتمام بدور الشباب والمرأة الأردنيين ومساعي جلالته التي لا تنقطع لتمكين الشباب منذ تولى سلطاته الدستورية، والتي تصب جميعها في بوتقة بناء أردن ديمقراطي يشارك أبناؤه بشكل مباشر في عملية صنع القرار. حيث أطلق جلالته المبادرات واللجان الوطنية المتتالية التي تقتدي بأوراق جلالته النقاشية لتعزيز المشاركة السياسية وبناء نظام سياسي ديموقراطي يعتمد على الحياة الحزبية كوسيلة للمشاركة الشعبية في صنع القرار. وكان أحدثها قرار جلالته بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي كلفت بوضع مشروع قانون للانتخاب ومشروع قانون للأحزاب مع التعديلات الدستورية اللازمة، والتي رأت جميعها النور، إنفاذا للإرادة الملكية السامية.
وقال الرفاعي أن الأردن يقف اليوم على أعتاب أولى مراحل تجربة سياسية جديدة سيخصص خلالها 30% من مقاعد مجلس النواب للأحزاب السياسية، مع زيادة هذه النسبة إلى 50% في المجلس اللاحق وصولا إلى 65% في المجلس الذي يليه كحد أدنى، ضمن نهج من التدرج المدروس الذي يسمح بنضج الثقافة الحزبية على المستوى الوطني دون قفزات في الهواء.
مؤكدا الرفاعي أن هذا التحديث السياسي جاء ليخدم ويبرز دور الشباب الأردني بشكل أكبر وأهم، باعتبارهم الجيل الذي يجب إعداده لعالم الغد وعلى المجتمع ومؤسسات الدولة أن تدعمهم وتعمل على تمكينهم.
مطمئنا الشباب الحاضرين إلى أن منظومة التحديث شملت ضمانات عدة للمشاركة السياسية والحزبية للشباب الأردني، على رأسها ضمانة جلالة الملك التي أنعم بها على مخرجات منظومة التحديث منذ تشكيل اللجنة، ثم الضمانات التشريعية، المتمثلة في النصوص الدستورية والقانونية التي تضمن حياة سياسية وحزبية مهيأة لاستقبال الشباب وتمكينهم، وتخلو من المضايقات والاستهداف، ويمارس فيها الجميع أدوارهم بحرية طالما أنهم ملتزمون بنصوص القوانين، وختامها الضمانات الثقافية، المتمثلة في تهيئة المجتمع، وخاصة الشباب على مقاعد الدراسة في المدارس والجامعات، لمعرفة حقوقهم السياسية وممارستها عبر مساقات دراسية، وضمانات تشريعية لتأطير وحماية العمل السياسي والحزبي في الجامعات.
بعد ذلك انتقل الرفاعي للحديث عن التحدي الاقتصادي، الذي يشكل أكبر التحديات أمام الأردنيين عموما وخاصة الشباب، مؤكدا أهمية تمكين الشباب والمرأة للنهوض بالطبقة الوسطى باعتبارها أهم محرك سياسي واقتصادي، وضرورة إعادة النظر في هرم القوى العاملة في الأردن، حيث أكبر المشغلين في السوق وبفرق شاسع عن الجميع هو القطاع العام والأجهزة العسكرية.
معتبرا، الرفاعي، أن أحد مفاتيح الحل هو في التوجه نحو التعليم التقني والمهني الذي ينتج أيد عاملة ماهرة ومدربة، لأن هذه الفئة تشكل عماد الطبقة الوسطى في العالم أجمع، وهو أمر دعا له صاحبا الجلالة وسمو ولي العهد في مناسبات مختلفة بحسب ما ذكر الرفاعي.
وفيما يخص الانتخابات المقبلة، قال الرفاعي بصفته رئيسا للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية المنتهية أعمالها، أنه لم يعد من المقبول أن تتمحور العملية الانتخابية حول الفوز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية فحسب، حيث يجب أن تكون الأحزاب قادرة على استقطاب الأردنيين عبر برامج واقعية، شمولية، غير شعبوية، وقابلة للتحقيق، بعيداً عن تدوير الزعامات وأحزاب الأشخاص، وأن تكون هذه البرامج مكملة لبرامج السلطة التنفيذية أو منافسة لها، وبما يمهد لتجربة “حكومات الظل” في الديموقراطيات العريقة.
مؤكدا أن الانتخابات القادمة ستشكل المرحلة الأولى من عملية مستمرة متدرجة وتراكمية، للوصول إلى ثقافة حزبية وقواعد شعبية صلبة، وأن ما تحقق، حتى اليوم، من إنجازات تشريعية وبيئة حزبية وتفاعل شعبي واستعداد لخوض الانتخابات بقواعد وأدوات مختلفة يبعث على الفخر، مع الأمل بالوصول إلى برلمان قوي وكفؤ يتوازن مع السلطة التنفيذية، ويمارس مهامه بالرقابة النزيهة والمنهجية، وبالتشريع العصري. وهذا يعتمد على المشاركة الشعبية الفعالة، والتمسك بنهج تجديد الحياة السياسية، واستثمار هذه الفرصة، خاصة من الشباب، لرسم ملامح المستقبل بعيدا عن الفئوية والجهوية، وكل الاعتبارات الضيقة.
واختتم الرفاعي حديثه بالتذكير بأن الشباب الأردني كانوا قادة وبناة الدولة في بداياتها ونشأتها، ويجب أن يصبحوا اليوم رواد المئوية الثانية، والمجددين لدماء الدولة، وقادة الفكر والتطوير فيها، عبر الانخراط في العملية السياسية والتحديث الشمولي، كونهم الكتلة الأكبر الأكثر تأثيرا في المجتمع.
وقد أعقب هذه الكلمة نقاش بين الرفاعي وعدد من الحضور من ممثلي الهيئات الشبابية والأهلية الوطنية.
هذا ويهدف المؤتمر، إلى مناقشة أهم القضايا التي تتعلق بالشباب، وفتح آفاق الحوار المباشر بينهم من جهة، والحكومة والقطاع الخاص من جهة أخرى، لتذليل الصعوبات التي تواجه الشباب في مختلف المجالات. ويناقش المؤتمر في جلساته المتعاقبة عددا من المواضيع الهادفة إلى تمكين الشباب وتعزيز دورهم والاستثمار بقدراتهم، إضافة إلى تشجيعهم على المشاركة والانخراط في مختلف مناحي الحياة السياسية.